تشرتشل وتلميذه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من أكثر المعجبين بونستون تشرتشل، وهو يرى فيه نموذجاً يُحتذى، وذلك بسبب التحذيرات المبكرة، التي أطلقها هذا الأخير جرّاء تعاظم قوة ألمانيا النازية، والتي أدّت إلى عزلته السياسية، وإلى إظهاره كمن يحرض على الحرب بصورة متطرفة.

·      وقد شبّه نتنياهو نفسه بتشرتشل، عندما عارض اتفاق أوسلو، مثيراً بذلك حنق "النخب" الإسرائيلية، التي أيدت عملية السلام، ورأى أن انتخابه، في سنة 1996، لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، ينطوي على مهمة إنقاذ وطنية هي كبح عملية أوسلو، تماماً مثلما عُيّن تشرتشل رئيساً للوزراء في بريطانيا، في إبان الحرب العالمية الثانية، بعد أن تحققت نبوءاته السود.

·      ويبدو أن نتنياهو وجد، خلال الأعوام العشرة التي قضاها خارج سدّة الحكم، أن إيران هي ألمانيا النازية بالنسبة إليه، ولذا، تصدّر حملة التحذير من الخطر النووي الإيراني، في مقابل اللامبالاة السائدة في صفوف الجمهور الإسرائيلي العريض والأسرة الدولية. ولدى عودته إلى السلطة عرض نتنياهو كبح الخطر الإيراني باعتباره غاية مركزية له.

·      من ناحية أخرى، فإن الحربين في لبنان وغزة شجعتا نتنياهو على تبني لبنة أخرى من ميراث تشرتشل، وهي قصف المدن. وقد درج على القول إن بريطانيا وأميركا قامتا، في أثناء الحرب العالمية الثانية، بقتل سكان مدنيين في ألمانيا أكثر من السكان المدنيين الذين قتلتهم هذه الأخيرة، ومع ذلك، بقي واضحاً من هو الطرف المعتدي، ومن هو الطرف الذي كان على حق في الحرب.

·      في واقع الأمر، فإن تشرتشل كان زعيماً مرموقاً، وكان فناناً في العلاقات العامة، وفي تجنيد الرأي العام، لكنه لم يوهم نفسه بأن في إمكانه أن ينجح بمفرده في القضاء على هتلر، ولذا، بذل جهوداً كبيرة من أجل ضمّ الولايات المتحدة إلى الحرب. وكان لهذا الانضمام ثمـن، هو تفكيك الإمبراطورية البريطانية.

·      إن نتنياهو يتوقع، مثل تشرتشل، أن تقوم الولايات المتحدة بتقديم المساعدة المطلوبة من أجل القضاء على الخطر الإيراني. غير أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يطالب، في المقابل، بتفكيك الإمبراطورية الإسرائيلية الصغرى في المناطق [المحتلة]، وتحرير الفلسطينيين من نير الاحتلال. ويبقى من المثير أن نراقب ما إذا كان نتنياهو سيتعلم الدرس من نموذجه الأعلى، أم أن ولايته ستنتهي بالمزيد من العمليات العسكرية.