تقرير "لجنة غولدستون" يسلب إسرائيل شرعية القيام بعملية عسكرية شبيهة بـ "الرصاص المسبوك"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يصف تقرير "لجنة الأمم المتحدة لتقصي وقائع الحرب في غزة"، برئاسة القاضي الجنوب إفريقي [اليهودي] ريتشارد غولدستون، إسرائيل بأنها مجرمة حرب، ودولة بوليسية تضطهد الأقليات. كما وُصفت السلطة الفلسطينية في كل من غزة والضفة الغربية بأوصاف مشابهة لذلك. وفي حال قبول استنتاجات اللجنة، سيكون في إمكان محكمة العدل الدولية في لاهاي أن تضع زعماء إسرائيل و"حماس" والسلطة الفلسطينية معاً في قفص الاتهام.

·      إن هذا التقرير يُعتبر، في الوقت نفسه، سوطاً آخر في يد الرئيس الأميركي باراك أوباما، يمكنه أن يهدد بواسطته رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه في حال عدم موافقته على تجميد الاستيطان، وعلى تقديم تنازلات سياسية، فسيجري دفع عملية اتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن عملية "الرصاص المسبوك" في غزة قدماً. لكن من المشكوك فيه أن يلجأ أوباما إلى تصرف كهذا، لأن ذلك من شأنه أن يشكل سابقة ضد جيوش أخرى تحارب "الإرهاب".

·      يطرح تقرير "لجنة غولدستون" بضعة استنتاجات هي: أولاً، هو أن [رئيس الحكومة الأسبق] أريئيل شارون ارتكب خطأ عندما لم يستكمل عملية الانفصال عن غزة في سنة 2005 بالحصول على اعتراف دولي بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، ذلك بأن جزءاً كبيراً من الجرائم التي اتهمت إسرائيل بارتكابها في سياق التقرير ناجم عن مسؤوليتها عن سكان القطاع من ناحية إنسانية محضة.

·      الاستنتاج الثاني هو أن [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت و [وزير الدفاع السابق والحالي] إيهود باراك ارتكبا خطأ بتغاضيهما عن معاناة السكان المدنيين في غزة، وبإطلاقهما يد الجيش الإسرائيلي كي يمارس القتل والدمار في إبان حملة "الرصاص المسبوك". كما أن استمرار تلك الحملة مدة طويلة، وزج القوات البرية فيها، تسببا بإلحاق ضرر بالغ بمكانة إسرائيل الدولية، وبتعزيز شرعية "حماس".

·      الاستنتاج الثالث هو أن الحكومات الغربية قد تتغاضى عن هذا التقرير الخطر، لكنه سيصبح من الآن فصاعداً الأساس لحملة النقد ضد إسرائيل لدى الرأي العام في هذه الدول.

·      الاستنتاج الرابع ـ لقد قررت إسرائيل أن تهاجم شرعية أعضاء لجنة التحقيق، وألاّ تتعاون مع القاضي غولدستون، ولذا فإن الادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بالحرب في غزة لم تُعرض على اللجنة، غير أن التزام إسرائيل الصمت يُعتبر، في نظر الرأي العام العالمي، بمثابة اعتراف بالتهم التي كلفت اللجنة بالتحقيق فيها. وربما كان من الأفضل أن تتعاون الحكومة الإسرائيلية مع اللجنة.

·      الاستنتاج الخامس، وربما يكون الاستنتاج الأكثر أهمية، هو أن تقرير "لجنة غولدستون" يعزز الخطر الاستراتيجي الأشد وطأة الذي ألحقته إسرائيل بنفسها، وفحواه خسارة الشرعية الدولية للقيام بأي عملية عسكرية شبيهة بـ "الرصاص المسبوك" في المستقبل. إن الذين يرغبون في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، والمجازفة بالتعرض لإطلاق الصواريخ من لبنان وغزة، عليهم الآن أن يدرسوا جيداً ما إذا كان "العالم" سيمنح إسرائيل فرصة أخرى لردة فعل قاسية وفتاكة.