فجأة نتنياهو شخص ناضج ومسؤول
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

       ·      خلال هذا الشهر، بين رأس السنة [العبرية] ويوم الغفران [اليهودي]، سيقف رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى جانبه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويعلن تجديد مسار المفاوضات في الشرق الأوسط. إن الهدف الذي سيعرضه سيكون طموحاً: التوصل خلال عامين إلى "سلام إقليمي شامل" ينهي الصراع الإسرائيلي ـ العربي، ويقيم بدلاً منه علاقات ودية جديدة بين شعوب المنطقة. وبعكس جورج بوش، الذي أرسل الجانبين إلى التفاوض طالباً منهما تبليغه النتائج، ينوي أوباما أن يكون شريكاً، وسيجلس مبعوثوه في غرفة التفاوض، وسيقدمون اقتراحات وساطة وحلولاً.

·      سيكون لإعلان أوباما أهمية استراتيجية مباشرة. فعندما عرض أوباما جدولاً زمنياً لعامين، من أجل التوصل إلى تسويات السلام، أوضح بذلك أن معالجة موضوع إيران أكثر إلحاحاً من إقامة فلسطين المستقلة إلى جانب إسرائيل. وسيكون هذا إنجازاً دبلوماسياً كبيراً لنتنياهو، إذ إنه في أثناء زيارته للبيت الأبيض في أيار / مايو [الماضي]، كان هدفه الأساسي إقناع أوباما بـ "إيران أولاً ومن بعدها الفلسطينيين". وكان مريحاً لأوباما أن يظهر اختلافه في الرأي مع نتنياهو من أجل دعم صدقية الولايات المتحدة في العالم العربي، لكن بعد مئة يوم على تولي أوباما منصبه، يُظهر جدول الأعمال السياسي قبول مواقف نتنياهو.  وهكذا ستكون سنة 2010 "سنة إيران"، وعلى الفلسطينيين الانتظار، وتمضية الوقت في مفاوضات  عقيمة، إلى حين كبح جماح إيران.

·       تعكس الصفقة بين نتنياهو وأوباما التطور الذي طرأ على موازين القوى في علاقتهما. فعندما التقيا في أيار / مايو [الماضي]، ظهر أوباما وكأنه المسيح المبشر بتغيير تاريخي في أميركا، وفي علاقتها بالعالم عامة، وبالمسلمين خاصة. لقد بعث أوباما آمالاً بالتغيير، بينما ظهر نتنياهو كرجل الأمس، يميني مزعج وخامل، يضيّع وقت الرئيس بالنقاش في موضوع "النمو الطبيعي في المستوطنات". لكن، مع مضي الصيف، واجه أوباما مشكلة. كتّاب الأعمدة في صحف واشنطن تنافسوا فيما بينهم على تنبوءات قاتمة بشأن الجحيم السياسي المتوقع للرئيس عند عودته من عطلته. إن صعود أوباما الباهر إلى الحكم، قام على رسالة واضحة ومحددة: أنا أمثل التغيير، أنا أبدو مختلفاً، وأتحدث بشكل مختلف عن بوش، واليوم، وعلى الرغم من تحسن الوضع الاقتصادي، تتراجع شعبيته في الاستطلاعات بسرعة أكبر من رؤساء آخرين في بداية ولايتهم.

·       في ظل هذه الأوضاع، هناك فرصة جديدة أمام نتنياهو للقاء ثان مع أوباما. فالرئيس متعطش لإنجاز سياسي يستطيع نتنياهو تزويده به عن طريق تجميد الاستيطان وتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين. وإذا استطاع نتنياهو الحفاظ على ضبط النفس، وقام بالتركيز على الموضوع الإيراني، وامتنع من الاستفزازات في المناطق [الفلسطينية المحتلة] والحدود، فإنه سيُستقبل في البيت الأبيض كضيف مرحب به. لكن امتحانه الحقيقي سيكون عندما يصل الجدول الزمني لأوباما إلى نقطة الحسم. وفي حال ظهر أن إسرائيل هي وراء فشل العملية السلمية، وفشل حملة أوباما في سنة 2012، فإن نتنياهو سيعاقَب، طبعاً، شرط أن يصمد [نتنياهو] في الحكم حتى ذلك الحين.