أولمرت: من عاصفة مرض شارون إلى عاصفَتي حرب لبنان والتحقيقات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       تسلم إيهود أولمرت منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية وسط عاصفة ناجمة عن مرض [رئيس الحكومة السابق] أريئيل شارون، وها هو يتركه وسط عاصفة التحقيقات البوليسية. غير أنه لم ينجح، على مدار ولايته التي استمرت 31 شهراً، في أن يؤدي المهمة المركزية، التي وضعها نصب عينيه، وهي رسم حدود جديدة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية تضمن مستقبل إسرائيل كدولة ذات أغلبية يهودية، وكدولة ديمقراطية. وبناء عليه، فإنه يترك هذه المهمة لورثته.

·       لقد تميز أولمرت كمدير سياسي وزعيم للائتلاف الحكومي، غير أنه لم ينجح في أن يحظى بحب الجمهور العريض. وقد بدأت ولايته تنحرف عن مسارها في 25 حزيران/ يونيو 2006، عندما اختطف [الجندي الإسرائيلي] غلعاد شاليط [على يد "حماس"]، وانهارت تماماً بعد ذلك بأسبوعين ونصف أسبوع، عندما اختطف حزب الله [الجنديين] إلداد ريغف وإيهود غولدفاسر.

·       إن عمليتَي الاختطاف حوّلتا أولمرت من وريث لشارون، كان ينوي أن يستمر في الانفصال [عن مناطق من الضفة الغربية، بعد الانفصال عن غزة]، إلى زعيم أمة في حالة حرب. وقد فشل في هذا الاختبار ثلاث مرات: الأولى، عندما عيّن [رئيس حزب العمل السابق] عمير بيرتس وزيراً للدفاع، والثانية، عندما اتخذ قراره المتسرع بشن حرب لبنان الثانية [صيف سنة 2006]، والثالثة، عندما اتخذ قرار مواصلة تلك الحرب، على الرغم من كونها عديمة الفائدة، بحسب ما أظهرت المعارك الأولى.

·       إن خيبة الأمل من أولمرت، التي أحدثتها حرب لبنان الثانية، تعمقت عقب موجة قضايا الفساد والفضائح الجنسية في صفوف قادة الدولة. وفي ظل الأجواء التي نشأت، وجد أولمرت صعوبة في أن يجند تأييداً شعبياً لرؤيته السياسية، وجرى النظر إلى جميع خطواته السياسية باعتبارها مناورات بائسة للهروب من الإطاحة أو المحاكمة.

·       لقد اتخذ أولمرت بضعة قرارات استراتيجية مهمة. القرار الأول هو قصف ما اشتُبه في أنه مفاعل نووي في سورية، في أيلول/ سبتمبر 2007، والذي تم بتنسيق مع الإدارة الأميركية، وهذا يعتبر الإنجاز الأكبر له. القرار الثاني هو التنازل عن خطة خريطة الطريق، التي ورثها من فترة شارون، وتجديد المفاوضات بشأن الحل الدائم مع السلطة الفلسطينية، في صيغة يتم تأجيل تنفيذها إلى وقت لاحق. غير أن أولمرت أجاز، في إبان هذه المفاوضات، بناء آلاف الشقق السكنية الجديدة في الكتل الاستيطانية، وخصوصاً في منطقة القدس. القرار الثالث هو التوصل إلى اتفاق تهدئة مع "حماس" في قطاع غزة، وبذا يكون قد اعترف بها، وإن بصورة غير مباشرة، باعتبارها عنصراً مسيطراً على غزة، وشريكاً ممكناً للتعايش معه. القرار الرابع هو صفقة تبادل الأسرى والرفات مع حزب الله.

·       يترك أولمرت لمن يخلفه بضع مهمات. المهمة الأولى هي معالجة الخطر النووي الإيراني. فممّا لا شك فيه أنه كان راغباً في قصف المنشآت النووية الإيرانية، كما فعل في سورية، غير أن الإدارة الأميركية فرضت فيتو على هذه الفكرة واختارت المحادثات مع إيران. ويتعين على رئيس أو رئيسة الحكومة المقبلة أن يضمنا الحفاظ على مصالح إسرائيل في هذه المحادثات. المهمة الثانية لورثة أولمرت هي التقدم في الاتصالات مع الفلسطينيين والسوريين، مع إدراك أن أي اختراقات يجب أن تنتظر تسلم إدارة أميركية جديدة مهمات منصبها.