يبدو أن نتنياهو يرغب في وضع القيادة الفلسطينية على المحك كما فعل باراك سنة 2000
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·       في أحد اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الصحافيين الإسرائيليين الذين كانوا يغطون قمة واشنطن، طالب بعض الصحافيين نتنياهو بأن يطلعهم على تفصيلات ولو بسيطة تتعلق بسيناريو المفاوضات المباشرة التي انطلقت في إثر تلك القمة، غير أن رئيس الحكومة هزّ رأسه قائلاً: "إنكم تبحثون عن عناوين صارخة، لكني أرغب في التوصل إلى اتفاق سلام".

·       بناء على ذلك، فإن الذي يرغب في استشراف مثل هذا السيناريو لا بُد له من العودة إلى الخطابين اللذين ألقاهما نتنياهو خلال قمة واشنطن، وقراءة ما تضمناه ولا سيما ما لم يتضمناه. ولعل أول شيء يمكن ملاحظته هو أن الخطابين تضمنا كلمات رنانة عن السلام، ولم يتضمنا عبارات مماحكة كما كانت الحال في خطابات نتنياهو السابقة كلها.

·       غير أن السؤال المتعلق بما يحاول نتنياهو تحقيقه يبقى من دون جواب شاف. ومع ذلك فإنه حتى بالنسبة إلى شخص مثلي، فإن أكثر ما أخشاه هو ألاّ تسفر هذه الطقوس كلها عن أي اتفاق سلام، لكن ثمة أسباب وجيهة للفرح لأن شيئاً ما يبدو أنه قد تحرك إلى الأمام، ذلك بأن المستنقع الشرق الأوسطي سيكون ساماً وخطراً أكثر فأكثر في حال بقاء مياهه راكدة.

·       في مناسبة عيد رأس السنة العبرية الجديدة، الذي يصادف غداً [الخميس]، سيحتفل نتنياهو بمرور عام ونصف عام على عودته إلى ديوان رئيس الحكومة. وخلافاً للتوقعات كلها، فإن الحكومة، الحالية والائتلاف الذي تستند إليه، ما زالا مستقرين للغاية. وقد كانت المفاجأة الأكبر، خلال هذه الفترة، كامنة في سلوك [وزير الخارجية الإسرائيلية] أفيغدور ليبرمان، ذلك بأنه على الرغم من إقدامه على أفعال كثيرة ألحقت الضرر بإسرائيل، إلا إنه لم يقدم على أي فعل يمكن أن يمس استقرار الائتلاف الحكومي، بل يمكن القول إن ليبرمان وكتلة حزبه البرلمانية ["إسرائيل بيتنا"] كانا العنصر الأكثر طاعة وخضوعاً داخل هذا الائتلاف.

·       ما الذي يرغب نتنياهو فيه فعلاً؟ يبدو أنه يرغب في وضع القيادة الفلسطينية الحالية على المحك، مثلما فعل [رئيس الحكومة الأسبق] إيهود باراك مع القيادة الفلسطينية السابقة في إبان مؤتمر كامب ديفيد سنة 2000. وإذا ما تبين أن هذه القيادة ملائمة لتوقعاته منها، فإنه سيوقّع اتفاقاً تاريخياً معها، أمّا في حال الفشل، فإن المسؤولية كلها ستقع على عاتق هذه القيادة وحدها، وهذا الحُكم سيصدر عن رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما.

·       وتعتبر هذه الرغبة، في الظاهر، بمثابة صفقة رابحة، ذلك بأنها تسببت حتى الآن بجعل نتنياهو يحظى على رؤوس الأشهاد بتأييد الإدارة الأميركية، كما أنها أسفرت عن تحسين صورته في وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية، وقد حدث ذلك كله من دون زعزعة استقرار الائتلاف الحكومي الذي يقف على رأسه.

·       وتجدر الإشارة إلى أن باراك اعتقد في حينه [خلال مؤتمر كامب ديفيد سنة 2000] أنه يملك ورقة رابحة، لكنه في نهاية الأمر تسبب بموجة عمليات "إرهابية" تعتبر الأخطر التي شهدتها إسرائيل في تاريخها، كما أنه مُني بهزيمة ساحقة في الانتخابات العامة [سنة 2001]، وثمة شك كبير فيما إذا كان حزبه [العمـل] سيتمكن من تجاوز آثارها ذات يوم. إن هذا الأمر وحده يجب أن يشكل إشارة تحذير لنتنياهو، ذلك بأنه أكثر تعلقاً من أسلافه كلهم بالإدارة الأميركية، بسبب الخطر النووي الإيراني.

·       في المقابل، فإن نتنياهو وافق على أن تكون المفاوضات المباشرة منذ بدايتها ثلاثية الأطراف، أي باشتراكه وباشتراك كل من [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس و[وزيرة الخارجية الأميركية] هيلاري كلينتون أو [المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط] جورج ميتشل، وبالتالي، فإن الذي سيكون على المحك خلالها ليس عباس فحسب، بل نتنياهو أيضاً.

فضلاً عن ذلك، فإن نتنياهو سيبدأ المفاوضات من نقطة لا تعتبر في مصلحته، ذلك بأن موضوع الاستمرار أو عدم الاستمرار في تطبيق القرار الحكومي القاضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات [الذي ينتهي مفعوله في 26 أيلول/ سبتمبر الحالي] يهدد بتفجير المفاوضات قبل أن تبدأ فعلاً. ولو كان نتنياهو رئيس حكومة ضعيفاً لكان في إمكانه أن يقول لأوباما أنه مضطر إلى استئناف أعمال البناء وإلا فإنه سيسقط، لكنه رئيس حكومة قوي وائتلافه الحكومي مستقر تماماً.