من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يصادف هذا الأسبوع مرور أربعة أعوام على الانفصال عن غزة، ويبدو أن القطاع بات أكثر تطرفاً، والسلام أكثر بعداً، والمستوطنين الذين جرى إخلاؤهم أكثر تذمراً. فهل إن ما جرى كان خطأ ارتكبه أريئيل شارون وأغلبية الجمهور الإسرائيلي اللذان أيدا الانسحاب؟
· يبدو أن مستوطني قطاع غزة، الذين جرى تفكيك مستوطناتهم قبل أربعة أعوام، في إطار خطة الانفصال، حققوا انتصاراً كبيراً. فقد كان هدفهم مزدوجاً: من جهة أولى، أن يحصلوا من الحكومة الإسرائيلية على تعويضات كبيرة، ومن جهة أخرى، أن يبقى موضوعهم مدرجاً في جدول الأعمال العام باعتباره جرحاً مفتوحاً، بحيث إن أي سياسي يحلم بحل مماثل في الضفة الغربية يقول لنفسه إن الأمر مستحيل.
· وقد ارتكبت حكومة أريئيل شارون [التي نفذت خطة الانفصال] أخطاء كثيرة، لدى معالجة قضية المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من مستوطنات غزة. إذ أنشأت مديرية حكومية للاعتناء بمشكلاتهم، بدلاً من أن تدفع إلى كل عائلة تعويضات مناسبة من شأنها أن تطوي صفحة الموضوع. وهكذا، بقي الموضوع مفتوحاً، وأصبحت المديرية الحكومية المذكورة عنواناً لعدد لا يحصى من الادعاءات والشكاوى. وحتى الآن قامت الحكومة الإسرائيلية بدفع مبلغ 8.1 مليارات شيكل لهؤلاء المستوطنين، ويقدّر المسؤولون في المديرية أن تصل التكلفة النهائية لتفكيك مستوطنات قطاع غزة إلى 10 مليارات شيكل.
· من ناحية أخرى، فإن الأوضاع في قطاع غزة لا تنطوي على أي بشائر سارة. وعلى الرغم من قيام حركة "حماس"، الأسبوع الفائت، بشن هجوم كاسح على أحد تنظيمات "القاعدة" فإنه لا يزال هناك مجموعات متطرفة كثيرة هناك، وهي تحظى بتأييد شعبي واسع يثير قلق "حماس". وهذا التأييد ناجم، أساساً، عن الأوضاع السيئة لسكان غزة، الذين يرزحون تحت وطأة حصار [إسرائيلي] مستمر حوّل قطاع غزة إلى سجن كبير.
· لا شك في أنه كان في الإمكان تنفيذ الانفصال عن غزة بصورة مختلفة تماماً، وذلك من خلال تعزيز مكانة [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، غير أن شارون رفض التفاوض مع الزعيم الفلسطيني، على الرغم من كونه الأكثر اعتدالاً حتى الآن.
· في واقع الأمر، فإننا عملنا، طوال فترة سيطرتنا على المناطق [المحتلة]، على تقويض القيادة التي كانت موجودة هناك، وتسبّبنا بصعود قيادة أكثر تطرفاً. كما أننا دمرنا السلطة الفلسطينية، وياسر عرفات الذي وافق على حل الدولتين وكان في إمكانه أن "يوفر البضاعة المطلوبة"، وتسببنا بسيطرة "حماس" على غزة. وها نحن الآن على أعتاب المرحلة الثالثة، مرحلة "القاعدة".
إن المسؤولين في إسرائيل لا يريدون أن يفهموا أن الخصم لا يستسلم عندما تشتد وطأة القمع، وإنما يصبح متطرفاً أكثر. ولذا، فإن غزة من شأنها أن تقع في قبضة "القاعدة" في حال تفاقم الفقر والبطالة. ومع أن الانسحاب من غزة كان خطوة صحيحة، إلا إننا قمنا بتفويت الفرصة المترتبة عليها بسبب تنفيذها السيىء. لكن ربما كان ما حدث مخططاً له سلفاً، إذ إنه في اللحظة التي تسيطر "القاعدة" على غزة يمكننا أن نقول بثقة كبيرة إنه لا يوجد شريك لإجراء محادثات معه.