الفلسطينيون: وضع قانوني شبيه بدولة حاضرة الفاتيكان
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

 

  • كما كان متوقعاً، عاد مبعوثا الرئيس الأميركي باراك أوباما، دينيس روس وديفيد هيل، إلى واشنطن من دون أن يتمكنا من إقناع الفلسطينيين بعدم إعلان دولتهم في الأمم المتحدة. ويمكننا الافتراض بأنهما لم يتفاجآ كثيراً، فقد كان هدف الزيارة الرئيسي إطلاع الفلسطينيين على خطورة تعنتهم، وعلى الانعكاسات السلبية لموقفهم على علاقاتهم بالولايات المتحدة الأميركية.

     
  • من الواضح أن الصيغة الوحيدة الممكنة لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين تكمن في دمج فحوى خطابي أوباما: الأول، حين تكلم على حدود 1967، بالإضافة إلى "تبادل للأراضي متفق عليه"، كأرضية لرسم الحدود في المستقبل؛ والثاني، الذي ألقاه أمام منظمة الإيباك، عندما تحفظ على كلامه السابق، وأوضح أن نقطة الانطلاق لن تكون حدود 1967، وإنما مفاوضات ثنائية بشأن الحدود الجديدة. وقد رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح برمته، في حين أبدت إسرائيل استعداداً لقبوله، على الرغم من بعض التحفظات. ويمكن طرح تقديرات مختلفة بشأن أسباب التصلب الإيجابي لإدارة أوباما، التي لا تتطابق رؤيتها لعدد من الموضوعات السياسية مع رؤية إسرائيل على الدوام.

     
  • إن ما أدركه الأميركيون اليوم، خلافاً لجماعة اليسار الإسرائيلي التي تدعم الخطوة الفلسطينية من جانب واحد، هو أن السلطة الوطنية الفلسطينية أخذت قراراً استراتيجياً بعدم الدخول في مفاوضات حقيقية مع إسرائيل، والتي تشكل مصدر جميع الخطوات السياسية والدبلوماسية. فالمفاوضات تعني تسويات وتنازلات متبادلة تشمل قضية اللاجئين، والقدس، والحدود، وما إلى ذلك. ولا ينوي أبو مازن ومعاونوه، كما كان حال ياسر عرفات، دخول التاريخ العربي كمن قدم تنازلات، ولا سيما أنهم يعتبرون أن الطريق الملتفة التي تمر عبر الأمم المتحدة ستجلب لهم النتائج المرجوة. ويدرك الفلسطينيون أن مجلس الأمن لن يمنحهم اعترافاً بالدولة (فلا حاجة إلى فيتو أميركي). لذا اعتمدوا ما يمكن وصفه بـ "خيار الفاتيكان"، أي التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لديهم فيها أغلبية تلقائية ستغير وضعهم الحالي من "مراقبين" إلى "دولة مراقبة ليست عضو في الجمعية"، مثلما هو وضع الفاتيكان.

     
  • قد يظهر هذا التغيير مجرد لعب على الكلام بالنسبة غلى الإنسان العادي، لكن التغيير متعدد المعاني. فالكلمة المفتاح هي "دولة"، وما إن تتصدر هذه الكلمة العناوين، حتى يصبح كل الباقي بلا معنى. وعلى الرغم من أن هذه الدولة ستفتقر إلى جميع سمات الدولة الطبيعية، وعلى رأسها السيطرة على الأرض، فإن الدولة الفلسطينية ستتمكن من عقد اتفاقيات دولية، بما في ذلك الأمنية منها، مع دول أخرى، وستتمثل كعضو كامل العضوية في مختلف المنظمات الدولية، والأخطر، من وجهة نظر إسرائيل، أنه يمكن أن تنضم الدولة الجديدة إلى محكمة العدل الدولية، وتحويلها إلى ساحة للمطالبات التي لا تنتهي ضد إسرائيل، وضد جنودها ومواطنيها.

     
  • أكثر من ذلك، وحتى من دون اتفاق بين حركتي "فتح" و"حماس"، فإن حركة "حماس" وسائر الفصائل الفلسطينية المتطرفة ستتمثل في الدولة الجديدة، سواء في مؤسسات الحكم أو على الأرض.

     
  • وهذا من شأنه أن يجعلها دولة معادية وإرهابية، تجبر إسرائيل على سلوك طرق عسكرية متعددة للتصدي للتهديدات الأمنية الآتية منها. ويزعم أبو مازن أن هذه الدولة ستستأنف التفاوض مع إسرائيل بعد قيامها، لكن التلاعب على الكلام مكشوف، لأن الموضوعات الرئيسية التي تحتاج إلى بحث الآن ستؤجل وسيقال عندها: "عفا الله عما مضى".

     
  • تدرس إسرائيل منذ فترة طويلة طرقاً متعددة لإيجاد الرد الصحيح والواقعي على المخططات الفلسطينية وعلى التهديدات الناتجة منها، واستعداداً لمرحلة ما بعد إعلان "الدولة".  ومن هذا المنظار، تشكل العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وتنسيق المواقف معها، حاجزاً رئيسياً لصد الكوارث القادمة. ولمن لا يدرك أهمية العلاقة مع أميركا، يجدر به التأمل بأحداث نهاية الأسبوع في القاهرة.