خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة أثار البلبلة فيما يتعلق بمسار البرنامج النووي الإيراني والخطـوط الحمـر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·       لا بد من القول إن الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الفائت، أثار البلبلة فيما يتعلق بمسار البرنامج النووي الإيراني، وبالخطوط الحمر التي تطالب إسرائيل بفرضها على إيران.

·       فقد تكلم نتنياهو على ثلاث مراحل في مسار البرنامج النووي الإيراني، وفيما يتعلق بالمرحلة الأولى منها ذكر نسبة 70٪، بينما ذكر نسبة 90٪ فيما يتعلق بالمرحلة الثانية ودعا إلى فرض خطوط حمـر لدى استكمالها. وقد افترضت جميع وسائل الإعلام في إسرائيل أن هاتين النسبتين تتعلقان بدرجة تخصيب اليورانيوم في إيران. لكن في واقع الأمر، لا توجد نسبتان من هذا القبيل تتعلقان بدرجة تخصيب اليورانيوم في إيران، ذلك بأن هذه الأخيرة تسعى حالياً بكل ما أوتيت من قدرة لتخصيبه بدرجة 20٪، والتي من شأنها أن تجعلها قريبة من امتلاك القدرة على إنتاج أول قنبلة نووية. وفي حال نجاحها في تخصيبه بدرجة 90٪، سيكون احتمال كبح برنامجها النووي متأخراً جداً.

·       في الوقت نفسه أثار خطاب رئيس الحكومة البلبلة في كل ما يتعلق بمواقفه السابقة إزاء موضوع شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، والتي كان خلالها يلح على ضرورة شن هجوم كهذا على وجه السرعة، بل وحتى قبل انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وعلى ما يبدو فإن نتنياهو أدرك هذا الأمر، ولذا شدد في سياق المقابلات التي أدلى بها إلى شبكات التلفزة ووسائل الإعلام الأميركية في إثر إلقاء الخطاب، على أن إسرائيل ستعمل ضد إيران في الوقت الذي ترتئيه ملائماً. مع ذلك يبقى السؤال المطروح هو: إذا كانت إسرائيل تنوي أن تعمل ضد إيران في الوقت الذي ترتئيه ملائماً، فما حاجتها إلى فرض خطوط حمر عليها؟

·       في موازاة هذا كله، لا بد من أن نضيف ثلاث ملاحظات مهمة تتعلق بخطاب رئيس الحكومة: الأولى، ملاحظة تاريخية مرتبطة بما صرّح به مؤخراً مايكل هايدن، الذي تولى منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية [سي. أي. إيه] في أثناء ولاية الرئيس السابق جورج بوش، وقام قبل فترة وجيزة بزيارة لإسرائيل، وفحواه أن الرئيس بوش كان قد توصل إلى قرار حاسم يقضي بعدم ضرورة مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وذلك بعد أن أقنعه مستشاروه أن شن هجوم كهذا من شأنه أن يسرّع البرنامج النووي الإيراني. وهذا الأمر نفسه حدث بالنسبة إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ذلك بأن إقدام إسرائيل في سنة 1981 على تدمير المفاعل النووي العراقي تسبب بتأجيج تطلعاته النووية.

·       الثانية، ملاحظة سياسية، وفحواها أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قرر عدم عقد اجتماع مع نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة بسبب إدراكه أن اجتماعاً كهذا سيلحق ضرراً به من جهة، ومن جهة أخرى سيجعل نتنياهو يعقد اجتماعاً موازياً مع المرشح الجمهوري ميت رومني، بينما يدرك أوباما أنه في حال عدم عقد اجتماع مع نتنياهو لن يتجرأ هذا الأخير على عقد اجتماع مع منافسه.

·       أمّا الملاحظة الثالثة والأخيرة فإنها تتعلق بوسائل الإعلام، وفحواها أنه على الرغم من قدرات نتنياهو الخطابية التي تجعله مؤهلاً لاحتلال شاشات التلفزة في العالم، إلاّ إن الإعلام الحديث لم يعد رهن ما تعرضه شاشات التلفزة، وإنما رهن ما تبثه شبكات التواصل الاجتماعي. وهذه الشبكات تعاملت مع خطاب رئيس الحكومة على أنه كاريكاتوري. وإزاء ذلك يجب القول إن البرنامج النووي الإيراني يشكل مشكلة جدية تواجه إسرائيل والعالم أجمع، وليس من الحكمة أن يتعامل العالم معه على أنه مجرد كاريكاتور.