· إن السلوك الذي يتبعه الرئيس الأميركي باراك أوباما في الوقت الحالي يمكن أن ينطوي على أخطار أكبر كثيراً من الأخطار التي أسفر عنها سلوك الرئيس الـ 28 للولايات المتحدة ويدرو ويلسون. فمن المعروف أنه في نهاية سنة 1916، قامت كل من بريطانيا وفرنسا بالتوسل إلى الولايات المتحدة كي تنضم إلى الحرب العالمية الأولى وتقوم بكبح خطر الجيش الألماني، لكن الرئيس ويلسون، الذي كان مؤيداً للسلام العالمي المثالي، بقي مقتنعاً بأن في إمكانه تحقيق صلح بين بريطانيا وألمانيا.
· ولا بُد من الإشارة إلى أن مفهوم ويلسون للسلام هو الذي حال دون إدراكه ما الذي خططت ألمانيا للإقدام عليه، فضلاً عن أنه رفض الاطلاع على تقارير السفير الأميركي في لندن، أو على أي تقارير أخرى لم تلائم وجهة نظره، وبذا، فإنه تسبب بموت ملايين البشر في تلك الحرب.
· ويمكن القول إن إنقاذ العالم الغربي تم من قبيل المصادفة، وذلك بفضل نجاح البريطانيين في التقاط ما سمي "رسالة تسيمرمان"، وهي عبارة عن وثيقة فضحت نيات المسؤولين الألمان، واشتملت على معلومات تتعلق بمحاولات قام بها هؤلاء المسؤولون، وتهدف إلى تحريض المكسيكيين واليابانيين على غزو الولايات المتحدة. وأدت هذه الرسالة إلى فتح عيني ويلسون على الواقع، وإلى دخول الولايات المتحدة إلى الحرب وإلحاق الهزيمة بألمانيا.
· وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، استمر ويلسون في دفع أحلامه العبثية بشأن السلام العالمي المثالي، وحاز نتيجة ذلك جائزة نوبل للسلام، غير أن العالم الجديد الذي عمل على بلورته هو الذي أتاح لأدولف هتلر لاحقاً إمكان تسلم دفة الحكم في ألمانيا.
· يبدو أن الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما يسير في الطريق نفسها التي سار فيها ويلسون، ذلك بأن مفاهيمه المتعلقة بالتفاوض والإنكفاء أمام مهووسي العالم الإسلامي تتكسّر في أنهار من الدم في كل من العراق وأفغانستان، كما أن مقاربته المتعلقة بالمصالحة جعلت الإيرانيين يتقدمون خطوات كبيرة نحو القنبلة النووية، ونحو فرض سيطرتهم على الدول المجاورة لهم كلها تقريباً. أمّا في لبنان فإن حزب الله أصبح يقود الجيش اللبناني المموّل من دافعي الضرائب الأميركيين، في حين أن هذه الطريق تهدد وجودنا في الشرق الأوسط بالخطر.
إن الرئيس أوباما يبدو أشبه بالأعمى إزاء العدو الحقيقي الماثل الآن أمام بلده وأمام العالم الحرّ كله، وهو الإسلام المتطرف. إن هذا العدو، شأنه شأن جنرالات الحرب في ألمانيا في إبان الحرب العالمية الأولى، لا يمكن التوصل إلى سلام معه. وإذا لم يستفق أوباما من أحلامه، أو إذا لم يتم استبداله على وجه السرعة، فإن العالم كله سيدفع ثمناً باهظاً.