إسرائيل والولايات المتحدة ستتورطان في مواجهة لا لزوم لها إذا لم يحلّ الخلاف بشأن المستوطنات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      ارتكب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في تعامله مع إسرائيل، خطأين فادحين: لقد تسبب في فقدان ثقة الجمهور الإسرائيلي العريض، وفي فقدان ثقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

·      إن الواقع لا يحتم ارتكاب هذين الخطأين، فلو أن أوباما عمل على استمالة إسرائيل ونتنياهو لحقق ما سبق أن حققه كل من [الرئيس المصري السابق] أنور السادات و[الرئيس الأميركي الأسبق] بيل كلينتون و[العاهل الأردني السابق] الملك حسين، أي أنه كان سيجعل اليمين في إسرائيل يتداعى، ويحتل قلوب الوسط، ويدفع إسرائيل نحو اليسار.

·      غير أن أوباما اختار أن يمضي في الطريق المعاكسة. وبعد وقت قصير من أول مواجهة بينه وبين نتنياهو في واشنطن تنكر أيضاً لالتزامات واشنطن السابقة بشأن الكتل الاستيطانية، وألقى برسالة [الرئيس الأميركي السابق] جورج بوش [رسالة الضمانات]، وبميراث كلينتون السياسي، في سلة المهملات. وبذا، لقّن الإسرائيليين درساً لن يُنسى بسرعة، فحواه أن كلمة رئيس الولايات المتحدة ليست ملزمة قطّ.

·      إن أوباما لا يُعتبر عدواً لإسرائيل، لكن تصرفه الخطأ أدى إلى شلّ استعداد الجمهور الإسرائيلي العريض لتأييد الانسحاب الكبير المقبل.

·      من ناحية أخرى، فإن نتنياهو ارتكب أيضاً، في تعامله مع الولايات المتحدة، خطأين فادحين: لم يأخذ زمام المبادرة في يده، ولم يشرح غايته على نحو جيد. فنتنياهو 2009 هو شخص آخر، إذ إنه سلّم بضرورة تقسيم البلد، ويسعى لإقامة دولة فلسطينية. غير أن نتنياهو لا يؤمن بأن السلام الحقيقي يمكن إحرازه بواسطة مفاوضات سريعة، ولذا فهو يعمل على بلورة عملية سياسية من صنف آخر، تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية من الأسفل إلى الأعلى، ويتطلع إلى التعاون مع الأردنيين ومع دول الخليج ومع [رئيس الوزراء الفلسطيني] سلام فياض في هذا الشأن.

·      ومنذ أن تولى نتنياهو منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن الضفة الغربية تشهد ثورة هادئة، إذ انخفض عدد الحواجز العسكرية من 40 إلى 14 حاجزاً عسكرياً، وارتفعت نسبة النمو الاقتصادي وبلغت الآن 7% سنوياً، وتمّ تعزيز قوات الأمن الفلسطينية والمبادرات الاقتصادية الفلسطينية. لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية فشل في تحويل مقاربته البراغماتية هذه إلى برنامج سياسي شامل.

إذا لم يتم قريباً تسوية الخصومة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المستوطنات، فإن الطرفين سيتورطان في مواجهة لا لزوم لها على الإطلاق. ولذا يتعين على أوباما ونتنياهو أن يتحادثا بصورة مباشرة وحميمية. وفي نهاية الأمر فإنه من دونهما، لن تحدث أي أمور جيدة في الشرق الأوسط برمته.