مواقف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لم تتغير منذ فشل كامب ديفيد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يجدر بالمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، خلال زيارته المقبلة لإسرائيل، أن يجري محادثة مع رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، ولا بُد لهذا الأخير من أن يحكي له أنه في 13 أيلول/ سبتمبر 2008، وبعد أن استقال وأصبح رئيساً لحكومة انتقالية، استضاف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في منزله في القدس، واقترح عليه خطة مفصلة لتسوية سياسية شاملة.

·      وكان أولمرت أعدّ، لهذا الغرض، خريطة كبيرة للحدود قام برسمها بمساعدة أحد الخبراء الإسرائيليين من خارج صفوف المؤسسة الرسمية. وتقترح هذه الخريطة على الفلسطينيين إقامة دولتهم على نسبة 93.5% من مساحة الضفة الغربية، والحصول على أراض بديلة بنسبة 5.8% داخل إسرائيل، وتكون البقية في هيئة ممر آمن من الضفة الغربية إلى قطاع غزة. وتُبقي الخريطة الكتل الاستيطانية معاليه أدوميم وأريئيل وغوش عتسيون خاضعة للسيادة الإسرائيلية، وتعرض في مقابلها أراضي بديلة في جنوبي جبل الخليل وصحراء يهودا وغور بيسان. وبناء على ذلك، يمكن القول إن ما عُرض على عباس هو الحصول على أراض تعادل مساحة الضفة الغربية كلها، أي بنسبة 100%.

·      وبالنسبة إلى القدس، فقد اقترح أولمرت تقاسم السيادة بين الأحياء اليهودية والفلسطينية، وإبقاء "الحوض المقدس" في البلدة القديمة والمنطقة المحيطة به من دون سيادة، على أن تتولى إدارته لجنة دولية تشترك فيها إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة والأردن والسعودية.

·      ورفض أولمرت أن يعترف بـ "حق العودة"، لكنه أبدى استعداده للموافقة على استيعاب عدد ضئيل من اللاجئين الفلسطينيين "يساوي عدد الأشخاص الذين في إمكانهم دخول المقاطعة في رام الله"، أي ما يتراوح بين 2000 و 3000 شخص، وذلك على مدار خمسة أعوام.

·      وبحسب الرواية الإسرائيلية فإن عباس طلب من أولمرت أن يسلمه هذه الخريطة، فقال له هذا الأخير: "سأعطيك إياها إذا ما وقّعتها"، إذ إنه لم يكن راغباً في أن يسلم الفلسطينيين وثيقة تكون بمثابة نقطة البدء في مفاوضات لاحقة، وتشكل ذريعة لمطالبة إسرائيل بتنازلات أخرى. لكن عباس قال أنه يريد أن يدرس الاقتراح بمساعدة خبراء، واقترح أن يُعقد لقاء آخر في اليوم التالي باشتراك صائب عريقات وأحد الخبراء الفلسطينيين. ولم يحضر عباس إلى هذا اللقاء لا في اليوم التالي ولا في الأيام التي بعده، بل إنه لم يتصل هاتفياً، وقام بقطع علاقته بأولمرت.

·      وفي وقت لاحق، قال عباس، في سياق مقابلة أدلى بها إلى صحيفة "واشنطن بوست"، أنه رفض اقتراح أولمرت لأن "الفجوات كانت كبيرة". كما أكد عريقات أن الفلسطينيين يطالبون بالسيادة الكاملة على الحرم القدسي الشريف، وليسوا على استعداد لتسليمه إلى جهة دولية، ولا يرغبون في التنازل عن الكتل الاستيطانية التي طالب أولمرت بضمها إلى إسرائيل. غير أن هذه الأقوال كلها قيلت في وقت لاحق، ولم تكن رداً مباشراً على اقتراح أولمرت.

·      ما الذي يمكن أن نتعلمه من هذه القصة؟ لا شك في أن اليمين الإسرائيلي سيدّعي أن الفلسطينيين رفضوا عرضاً إسرائيلياً سخياً آخر، ولذا فهم ليسوا شريكاً للسلام. ويعتبر المسؤولون في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن المقابلة التي أدلى عباس بها إلى صحيفة "واشنطن بوست" هي رصيد دعائي كبير بالنسبة إلى إسرائيل.

·      لكن بعيداً عن الجدل السياسي، فإن العبرة الأساسية من اقتراح أولمرت هي أن مواقف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لم تتغير قيد أنملة منذ إخفاق المفاوضات في كامب ديفيد [في سنة 2000] وطابا [في مطلع سنة 2001]. وهناك عبرة أخرى فحواها أن الطرفين ليس في إمكانهما أن يتوصلا إلى تسوية شاملة بمفردهما، ولذا، فهما بحاجة إلى مرافقة وسيط خارجي، ومن المفضل أن يكون أميركياً. وهذا هو الدور الذي يتعين على الرئيس باراك أوباما ومبعوثه الخاص ميتشل أن يقوما به.