· منذ الأيام الأولى لنشوء دولة إسرائيل، وعلى خلفية النزاع العربي – الإسرائيلي، بدأت عملية منهجية لاجتثاث الوجود اليهودي من الدول العربية ومن إيران، الأمر الذي دفع بأعداد كبيرة من اليهود إلى مغادرة الدول التي كانوا يقيمون بها بسبب معارضة الحكومات العربية لسياسة الحركة الصهيونية في دولة إسرائيل.
· وقد عُقد، خلال الشهر الجاري، مؤتمر دولي من أجل الدفاع عن حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية ومن إيران. ولا تُخفى الأهمية الوطنية الكبيرة لهذا المؤتمر، ولقضية اللاجئين اليهود، فالواجب التاريخي والأخلاقي لدولة إسرائيل يملي عليها تبني خطة استراتيجية تحقق العدالة التاريخية لهؤلاء اللاجئين، وتؤدي إلى اعتراف دولي بحقوقهم التاريخية كشرط أساسي للتوصل إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين، ذلك بأن التناول الأحادي الجانب والجائر لقضية اللاجئين لا يمكن أن يفضي إلى حل حقيقي وعادل. إذ تجدر الإشارة إلى أن القرار 242 لم يأت إلاّ على ذكر اللاجئين الفلسطينيين.
· إن القاعدة الأساسية للخطة الاستراتيجية التي ستعالج مسألة اللاجئين اليهود في الدول العربية يجب أن ترتكز على جمع المعطيات وعلى إحصاء أملاك اللاجئين الفردية والعامة بطريقة تسمح بإجراء تقديرات لها، ومن أجل هذه الغاية يتعين على إسرائيل إنشاء لجنة دولية مستقلة. وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية العامل الزمني، ذلك بأن جزءاً أساسياً من هذه الإحصاءات يستند إلى ذكريات وشهادات لاجئين من أجيال متقدمة في العمر وباتت على وشك الأفول.
· ثمة عنصر آخر مهم في هذه الخطة وهو الحاجة إلى إنشاء صندوق دولي يمكن أن يشكل جزءاً من التسوية التي اقترحها كلينتون، أو يمكن أن يدخل ضمن إطار مبادرة السلام العربية التي اقترحتها السعودية [في القمة العربية التي عقدت في بيروت سنة 2000]. ويمكن أن يساهم هذا الصندوق في تفكيك 58 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وفي توطين هؤلاء في الدول التي يعيشون فيها، كما يسمح بدفع التعويضات عن الأملاك وعن المعاناة التي تكبدها يهود الدول العربية وإيران، والتي كانت أكبر بكثير من معاناة الفلسطينيين.
· فضلاً عن ذلك، يجب إنشاء متحف لتخليد ذكرى الجوالي اليهودية التي كانت تعيش في شمال إفريقيا وفي شتى أنحاء الشرق الأوسط والخليج الفارسي لأكثر من 2000 عام، أي قبل مجيء الإسلام ونشوء الدول العربية. ويجب أيضاً تحديد يوم لإحياء ذكرى معاناة اللاجئين اليهود في الدول العربية، وتشجيع الدراسات في هذا الشأن في مراكز الأبحاث وفي الجامعات وفي مراكز الشتات.
· كذلك يجب أن يكون هناك توازن في المناهج التعليمية بين سرد تاريخ اليهود في الدول العربية وإيران وبين سرد تاريخ يهود أوروبا. وعلى التلامذة في إسرائيل أن يدرسوا عن المذابح ضد اليهود في عدن وطرابلس الغرب والمغرب، وعن عمليات الملاحقة التي تعرض لها اليهود في أماكن أخرى من العالم الإسلامي.
· وثمة أهمية كبيرة للدعاية الدولية، وذلك في إطار نشاطات تقوم بها وزارة الخارجية، إذ يجب أن يعاد طرح قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية على جدول الأعمال الدولي، والتمسك بالدفاع عن حقوق الشعب اليهودي في وجه حملة نزع الشرعية التي تتعرض لها إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية.