نهاية حكم القلة "الأوليغاركية"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • ارتكب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكبر خطأ في حياته في 26/10/1997، عندما باع، بالنيابة عن دولة إسرائيل، بنك هبوعاليم إلى ملك الشحن البحري تيد أريسون، في مقابل مبلغ 1,37 مليار دولار أميركي. وفي الواقع، فإن الدولة دفعت ثمناً يتجاوز هذا المبلغ، لأن نقل ملكية المصرف من الدولة إلى سيطرة أسرة واحدة أرسى في إسرائيل نظاماً اقتصادياً اجتماعياً جديداً، هو حكم قلة من الأغنياء.

     
  • ولم يكن نتنياهو هو البادىء في عملية الخصخصة على الطريقة الإسرائيلية، إنما سبقه في ذلك كل من شمعون بيرس، ويتسحاق رابين، وأبراهام شوحات. لكن كان من المفترض أن يكون أداء نتنياهو مختلفاً، لأنه ملتزم المنافسة الحرة ومكافحة الاحتكارات، كما أن وضع بنك هبوعاليم كان مختلفاً،  إذ كان، ولا يزال، عملاق إسرائيل المالي، ولذا فإن نتنياهو ارتكب خطأً تاريخياً لأنه لم يقزّم المصرف قبل خصخصته.

     
  • إن نقل احتكار هائل من يد الدولة إلى يد أسرة واحدة،  أرسى الاحتكار الثنائي الذي يسيطر على ثلثي السوق المصرفية لإسرائيل، وثبّت عدم التنافس الحقيقي بين المصارف، وأوجد وضعاً يمكّن المصارف من استغلال الاقتصادات المنزلية من خلال جباية العمولات من الأجراء ومنح القروض لملوك المال والنفوذ.

     
  • لقد نقلت صفقة نتنياهو - أريسون المركز الرئيسي للقوة في الاقتصاد من يد الدولة الإسرائيلية إلى يد كارتيل من أصحاب رؤوس الأموال، وبالتالي، وصل مسار الخصخصة الأوليغاركي إلى أوجه،  هو الذي أفضى إلى قطاع مصرفي أوليغاركي، وإلى نخبة أوليغاركية يغذّي بعضها بعضاً.

     
  • ولم يخلف الاشتراكية الإسرائيلية العجوز سوق حرة وإنما نظام احتكاري جديد تحكمه قلة من المصرفيين، والمتمولين، ومالكي وسائل الإعلام.

     
  • في الأعوام الـ 14 الأخيرة لم تسنح لنتنياهو، أو لأي رئيس حكومة آخر، فرصة لإصلاح الخطأ، ذلك بأن الأوليغاركية الجديدة خصت الحكومة، وحوّلت رؤساء الدولة إلى دمى. وعندما حذّر ديدي لاخمان ميسير ويارون زيليخا من هذا الأمر، لم يصغ أحد إليهما، كما أنه عندما احتج شيلي يحيموفيتس ودوف حنين على هذا الوضع، لم يفعل أحد شيئاً، إذ إن الديمقراطية الإسرائيلية كانت تنقصها القوة لمواجهة الوحش الذي خلقته، والعزيمة للتصدي للاحتكار السياسي الذي ولّد الاحتكار الاقتصادي.

     
  • إن الفرصة سانحة الآن ولمرة واحدة! لأن الاحتجاج الاجتماعي أذاب الخيوط التي تحكمت فيها الأوليغاركية بالدمى، وأوجد حيزاً سياسياً جديداً تحتله ثلاث قوى أساسية: الشعب، واللجنة التي يرئسها البروفسور مانويل تراختنبرغ، ونتنياهو. ولذا، فإن في إمكان تراختنبرغ ونتنياهو أن يفعلا ما لم يفعله أحد قبلهما، أو بعدهما، أي تفكيك حكم القلة في دولة إسرائيل.

     
  • وتُطرح الآن آلاف الأفكار في الهواء: ضريبة الميراث (رسم الانتقال)؛ ضريبة الشركات؛ ضريبة القيمة المضافة؛ خفض ميزانية الأمن. لكن مع احترامي لجميع هذه الأفكار المتعلقة بتغيير النظام الضريبي وخفض ميزانية الأمن، إلاّ إنها لن تشكّل التغيير المنشود، ذلك بأن التغيير الذي يطالب به الشعب ممكن فقط من خلال عملية حاسمة للتصدي لحكم القلة، ويشمل ما يلي: تحويل مكتب "مفوّض مكافحة الاحتكارات" في وزارة الصناعة والتجارة إلى "سلطة المنافسة"؛ منح سلطة المنافسة استقلالية مطلقة وصلاحيات عليا توازي صلاحيات مصرف إسرائيل المركزي؛ تكليف يارون زيليخا رئاسة هذه السلطة؛ يجب أن يكون هدف السلطة خلال ثلاثة أعوام، إبطال تحكم مجموعة أعمال واحدة، أو مجموعتين، في قطاع اقتصادي بأكمله، وكسر الاحتكارات، وتفكيك الكارتيلات، وضمان المنافسة الحرة في فروع الاقتصاد كافة.

     
  • وعليه، من الآن حتى سنة 2015، من المنتظر أن تحدث ثورة حقيقية، ويصلح نتنياهو خطأ تاريخياً، ويصنع تراختنبرغ التاريخ، وينعم الشعب بالعدالة الاجتماعية. وبعد عشرين عاماً مظلمة، لن تبقى إسرائيل أسيرة الأوليغاركية، وإنما ستعود مجدداً إلى الديمقراطية.