· هل نحن على أعتاب تجدّد الحرب الباردة؟ نعم، ولا. واضح، من جهة، أن روسيا بزعامة بوتين تحاول بواسطة السلوك العدواني أن تتبوأ مكانتها كعنصر له وزنه في منظومة العلاقات الدولية. ومن جهة أخرى فإن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي الشيوعي الذي يتبنى أيديولوجية كونية. تسعى روسيا، تماماً مثلما تفعل الولايات المتحدة فيما يتعلق بساحتها الخلفية في أميركا اللاتينية، أن توضح أن المناطق التي تحدّها واقعة تحت نفوذها. ولذا فهي حساسة تجاه الأحداث التي تقع في دول مثل جورجيا وأوكرانيا.
· من الواضح أن روسيا ترغب في بث رسالة واضحة جداً، مفادها أنه من المحال تجاهلها. إن أحد أخطاء السياسة الغربية، وخصوصاً الأميركية، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وضعف روسيا في العقد الأخير من القرن الماضي، هو عدم التعامل مع روسيا عموماً باعتبارها عنصراً مؤثراً في منظومة العلاقات الدولية. استمرار تجاهلها الآن خطأ لأن روسيا دولة عظمى لديها مصالح واضحة وقوة اقتصادية لها ثقلها، بالأساس في أوروبا في مجال الطاقة. إننا نشهد تشكلاً جديداً لمنظومة القوى الدولية، ولم تعد روسيا ذلك الطرف الذي يمكن تجاهله كما كانت عليه الحال سابقاً.
· تجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب العلاقات الجيدة والتعاون الوثيق بين إسرائيل وروسيا بزعامة بوتين، والذي يشمل مواضيع حساسة جداً مثل الحرب على الإرهاب، ثمة ظاهرة مقلقة هي العلاقات الآخذة في التمتّن بين روسيا وسورية وإيران. لم تكن هذه هي صورة الأوضاع إبان الحرب الباردة، حيث سادت كراهية عميقة بين إسرائيل والاتحاد السوفييتي الذي لاحق اليهود. إن الصورة الآن أكثر تعقيداً، وهذا التطور يستوجب بحثاً منهجياً وجاداً من قِبل الحكومة الإسرائيلية بشأن علاقاتنا مع روسيا. وأنا لست متأكداً من أنه يجري بحث كهذا.