العنف الإسلامي والضعف الغربي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·       إن موجة الاحتجاجات المعادية للغرب التي اجتاحت العالم الإسلامي في الأيام الأخيرة سوف تضعف وتتراجع في الأسبوع المقبل، ذلك بأن الأنظمة في الدول الإسلامية، بدءاً من أندونيسيا وحتى الجزائر، أدركت أن هذه الموجة تشكل خطراً عليها أكثر مما تشكل خطراً على الغرب. من هنا كان إسراع هذه الأنظمة إلى اتخاذ خطوات من شأنها أن تهدئ الجماهير، مثل إغلاق الطرق المؤدية إلى السفارات الغربية، ونشر قوات أمن كبيرة في المناطق التي قد تشهد اضطرابات، ودعوة رجال الدين والمثقفين الإسلاميين الجماهير في المساجد وعبر وسائل الإعلام إلى احترام الأجانب المقيمين ببلادهم.

·       وهذا الأمر لم يحدث في بداية الاضطرابات، ففي الأيام الأولى لعرض النسخة المترجمة إلى اللغة العربية من الفيلم المسيء للإسلام، أبدى الحكام في الدول الإسلامية تفهمهم لغضب الجمهور وسلوكه العنيف، ولم يتخذوا إجراءات فعالة للدفاع عن السفارات الأميركية والبريطانية والألمانية. لكن هؤلاء الحكام، وحتى المعتدلين منهم، مثل محمد مرسي والإخوان المسلمين في مصر، باتوا يدركون اليوم أن مارد الحركات السلفية الذي خرج من الزجاجة يشكل خطراً عليهم أيضاً، ومن هنا إسراعهم إلى التحرك. وكي نفهم سبب ذعر الأنظمة الإسلامية ومسارعتها إلى لجم الشارع، ولو اقتضى الأمر سقوط قتلى وجرحى، علينا أن نحاول فهم أسباب نشوب الموجة الحالية من الاحتجاجات، ولماذا خرجت عن السيطرة وأدت إلى هذه النتائج الدموية.

·       فمن بين الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات الحالية، الوضع الذي نشأ في أعقاب الثورات في العالم العربي، إذ تحول الشارع إلى العنصر المسيطر الذي يفرض إرادته على الحكام العرب الجدد الذين لا يرغبون في إثارة غضبه، ويخافون من كبحه كي لا يلقون مصير مبارك. ولقد برز هذا بوضوح في مصر وتونس واليمن وليبيا والعراق، وحتى في الأردن وفي السلطة الفلسطينية.

·       وثمة سبب آخر، وهو استغلال مجموعات مسلحة ومنظمة من الإرهابيين الذين يعملون تحت إمرة الجهاد العالمي والتيار السلفي الوضع الفوضوي الناشىء بعد التغييرات في الدول العربية، وهذا ما جرى في ليبيا يوم الثلاثاء، وما جرى في سيناء وفي أفغانستان. فهذه المجموعات لا تقاتل فقط الولايات المتحدة والغرب، بل أيضاً الأنظمة العربية العلمانية، حتى من دون أن يكون هناك حدث ما يدعو إلى ذلك. ولقد استطاعت هذه المجموعات خلال العامين الماضيين زيادة قوتها وسلاحها، ولا سيما بعد زوال الأنظمة القديمة التي حرصت على مطاردتها ومنع وجودها، وباتت تهدد اليوم الأنظمة الإسلامية المعتدلة، التي فهمت الخطر وبدأت تتحرك لمواجهته.

·       وثمة سبب آخر لذلك، وهو ضعف الرد الغربي، ولا سيما ردة فعل الإدارة الأميركية. فقد تضمنت ردة فعل البيت الأبيض ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والتي تبناها فيما بعد وزير الخارجية الألمانية، عنصرين: الأول، إدانة المس بالقيم الدينية الإسلامية، والثاني، إدانة العنف بلهجة ضعيفة من دون أي تحذير أو تهديد. ولقد اعتبر العالم العربي هذه الإدانة بمثابة اعتراف رسمي بالتهمة من جانب الولايات المتحدة.

·       على الرغم من الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية في مواجهة ما حدث، فإنها تستطيع إصلاح الوضع، إذ تثبت التجربة أن الولايات المتحدة قادرة على ممارسة ضغط فعّال على جميع الأنظمة العربية الجديدة، حتى الإسلامية منها، والتي تحتاج إلى مساعدتها. وثمة طريقة أخرى، وهي إظهار القوة العسكرية الجوية والبحرية قرب مناطق التوتر، بالإضافة إلى إرسال قوات كبيرة من المارينز لحماية السفارات.