من يمول كلفة الدفاع عن المياه الاقتصادية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       قريباً سوف يتعامل وزراء الحكومة مع مصطلح جديد – هو "المنطقة الاقتصادية الخالصة" - ومع مهمة دفاعية جديدة موكلة إلى سلاح البحرية، كما سيتوجب عليهم إقرار تمويل هذه المهمة. فحتى الآن دافع سلاح البحرية عن سيادة المياه الإقليمية لإسرائيل التي تمتد إلى مسافة 23 كيلومتراً من الساحل، وجراء نجاح عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في عرض البحر، في كل من آبار "تمار" و"ليفيتان"، أُلقيت على عاتق سلاح البحرية مهمة الدفاع عن مواقع الحفر وعن المنصات، التي تقع إحداها على مسافة 150 كيلومتراً قبالة سواحل إسرائيل، خارج المياه الإقليمية. وهكذا، جرى مؤخراً تحديد مساحة "المنطقة الاقتصادية الخالصة" التي تزيد على مساحة دولة إسرائيل، إذ تبلغ نحو 28,000 كيلومتر.

·       ونظراً إلى أن عائدات الغاز الطبيعي المتوقعة في العقود الثلاثة المقبلة مقدرة بنحو 700 مليار شيكل [180 مليار دولار أميركي]، وإلى ارتهان اقتصاد الطاقة الإسرائيلي للغاز، تظهر جلية أهمية الدفاع عن مواقع التنقيب والإنتاج. وتشير التقديرات إلى أن مهاجمة عناصر معادية لمنصات التنقيب لا تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة فحسب (حيث إن كلفة منصة واحدة تبلغ نحو 3 مليار شيكل، وكلفة يوم من الحفر تبلغ نحو 3 مليون شيكل)، بل أيضاً إلى انسحاب الشركات العالمية ووقف أعمال التنقيب، وإلى أضرار في عقود تصدير الغاز الطبيعي.

·       وتشكل منصات التنقيب البعيدة عن الساحل، بالإضافة إلى السفن المبحرة في جوارها وبالقرب من سواحل لبنان، أهدافاً مغرية لجهات مثل حزب الله، الذي نجح في إصابة الفرقاطة "حانيت" بصاروخ بر- بحر في إبان حرب لبنان الثانية. كما تمتلك سورية، على سبيل المثال، صواريخ مضادة للسفن من طراز "ياخونت" [روسية الصنع] يبلغ مداها نحو 300 كيلومتر، وذات دقة عالية. وقد تشكل منصات التنقيب المعزولة أهدافاً لقوارب صغيرة مزودة بمتفجرات، فقائمة التهديدات طويلة، ويزعم ضباط كبار في سلاح البحرية أنهم غير قادرين على مواجهتها بالسفن الحربية الحالية.

·       من هنا، وبما أن مهمة الدفاع عن "المنطقة الاقتصادية الخالصة" أُلقيت على عاتق سلاح البحرية منذ قرابة العام ونصف العام، فقد تمت بلورة خطة دفاعية تشمل، بالإضافة إلى تطوير العقيدة القتالية، التزود بسفن حربية جديدة ملائمة للدفاع عن مواقع ومنصات التنقيب في عرض البحر. ويطالب سلاح البحرية بشراء أربع سفن حربية جديدة، وكان طالب في البداية بالتزود بأربع فرقاطات من طراز "ساعر- 5"، لكن بسبب ثمنها المرتفع ( نحو 1,6 مليار شيكل لكل فرقاطة)، قرر الاكتفاء بسفن حربية مماثلة من ناحية الحجم، لكنها أشبه بسفن الحراسة، ويبلغ ثمن الواحدة منها نحو 600 مليون شيكل. وحدد سلاح البحرية الطلبات العملانية للسفن الحربية المطلوبة، والمعرّفة على أنها "دفاعية"، وأرسلها إلى أحواض السفن في كافة أنحاء العالم، وتلقى ردوداً وعروضاً كثيرة.  

·       الآن، ومثلما هو متوقع، بدأ النقاش الحقيقي. فكلفة التزود الإجمالية تبلغ نحو 2,8 مليار شيكل، كما تبلغ كلفة تشغيل منظومة الدفاع نحو 480 مليون شيكل في العام. ويقول المنطق السليم إن جزءاً كبيراً من التمويل ينبغي أن يأتي من الأرباح الضخمة لشركات التنقيب عن الغاز، لكن، يبدو شبه مؤكد أن هذا لن يحدث.

·       ففي وزارة المالية، ثمة من يطالب بأن يكون التمويل من ميزانية وزارة الدفاع. وفي الجيش، هناك من يقول إنه من غير الممكن تحويل الموارد المطلوبة من ميزانيته لأنها بالكاد تكفي الحاجات الجارية. وفي سلاح البحرية، جرى إعداد خطة تسمح بتوزيع الاستثمار في السفن الحربية الجديدة على مدى 15 عاماً، والمقصود هو أقل من 200 مليون شيكل في العام. فعلى الحكومة الآن أن تقرر ما العمل، إذ يصعب علينا أن نصدق أن وزراء هذه الحكومة، الذين قرروا زيادة ميزانية الدفاع بنحو أربعة مليارات شيكل في العام، سيؤيدون موقف وزارة المالية، ولذا من المتوقع أن يؤخذ القرار بتمويل مهمة الدفاع عن "المياه الاقتصادية" من الميزانية العامة للدولة، إذ سيزداد أرباب التنقيب عن الغاز ثراء، في حين أننا سندفع ثمن حماية مرافقهم.