بعد اتفاق جنيف: إسرائيل تدخل في خضم فترة صعبة للغاية من دون حلفاء أقوياء
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • بعد الاستفاقة من الصدمة الأولى، حان الوقت كي ندرس بعمق دلالة الاتفاق الذي تم توقيعه في جنيف بين مجموعة الدول 5+1 وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني. لقد حققت الولايات المتحدة تأجيلاً موقتاً لتقدّم هذا البرنامج، ومع ذلك لا يوجد في الاتفاق أي خطوة من شأنها أن تُبعد إيران عن التقدّم إلى الأمام مرّة أخرى حين تقرر الإقدام على ذلك. فسيبقى في حوزة إيران منظومة تخصيب اليورانيوم القائمة، ومفاعل البلوتونيوم في أراك، لكن ربما مع مادة مشعة أقل. وأيضاً منظومة الصواريخ بعيدة المدى المعدّة لحمل رؤوس نووية.
  • ومن الناحية العملية، فإن نظام آيات الله حصل على إذن من الدول الديمقراطية الغربية بمواصلة تفعيل منظمات "الإرهاب"، والتآمر على أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، وتهديد إسرائيل بأكثر من 70,000 صاروخ وقذيفة صاروخية، وقمع الشعب الإيراني بوحشية.
  • وبموافقة أميركية سينقسم الشرق الأوسط إلى منطقتي نفوذ: الأولى، منطقة إيرانية تضم العراق وغرب سورية ولبنان؛ الثانية، منطقة أميركية تضم السعودية ودول الخليج والأردن وإسرائيل، لكن ستظل هذه منطقة نفوذ عديمة المعنى لأن الولايات المتحدة قررت أن تترك الشرق الأوسط، فالتكنولوجيات الجديدة لإنتاج النفط والغاز جعلتها دولة مصدرة للغاز والنفط وأوقفت تعلقها باستيرادهما، وهذا هو أحد أسباب انسحابها.
  • بناء على ذلك، يتعيّن علينا أن نستوعب حقيقة أن الولايات المتحدة لن تقف إلى جانب حلفائها التاريخيين في حال وقوعهم في مشكلة. إن العزل المتسرّع [للرئيس المصري السابق] حسني مبارك هو الذي آذن بذلك، والتماشي مع "الإخوان المسلمين" كان استمراراً في الدرب نفسه، والسبيل الذي سعت فيه [الولايات المتحدة] لتحقيق اتفاق جنيف أثبت ذلك. لقد تجاهلت الولايات المتحدة حلفاءها كي تحقق اتفاقاً يعفيها من المواجهة مع إيران، وربما يسمح للرئيس باراك أوباما بالتباهي بأنه في أثناء ولايته التي تنتهي في كانون الثاني/ يناير 2017، لم يكن لدى إيران سلاح نووي. أما ما الذي سيحدث بعد ذلك، فلا مسؤولية له عنه.
  • إن السؤال المطروح الآن هو: ما الذي بقي من التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل؟ قبل أي شيء بقيت التصريحات. ومن الناحية العملية من المتوقع أن تستمر المساعدات العسكرية بنحو 3 مليارات دولار سنوياً، والمساعدة الخاصة لمنظومات "القبة الحديدية" و"حيتس 3" و"العصا السحرية" المضادة للصواريخ. لا ينبغي الاستخفاف بهذه المساعدات. لكن فضلا عن ذلك، فإنه في كل وقفة أخرى ضد إيران، لم تعد الولايات المتحدة موجودة لا معنا ولا مع أي أحد آخر. والحربان في العراق وأفغانستان، بثمنهما الباهظ بالدم والمال ونتائجهما المخيبة للآمال على أقل تقدير، أسقطتا أي استعداد لديها للمواجهة من دون صلة بمبررها وجدواها.
  • في الأشهر المقبلة سنرى شركات النفط الكبرى تدير مفاوضات سرية مع إيران بشأن الاستثمارات. ولن يكون بإمكان الإدارة الأميركية أو الحكومات الأوروبية الصمود أمام الضغط الذي ستمارسه هذه الشركات بعد ستة أشهر لتحقيق ما اتفقت عليه سراً مع إيران. فإدارة أوباما هي التي أعطتها نموذجاً لمثل هذا الحوار السري. ومن المشكوك فيه جداً أن يقف أصدقاؤنا الجمهوريون في الكونغرس ضد الشركات الكبرى من تكساس، وبالتالي سينهار نظام العقوبات.
  • ثمة سؤال آخر هو: أي شركاء بقي لإسرائيل أمام إيران التي لم تتغيّر وتمكنت فقط من تضليل الغرب الضعيف؟ بقيت السعودية ودول الخليج الفارسي [العربي] التي يعتبر خوفها من إيران أكبر من خوفنا، وهي أكثر قرباً منها جغرافياً وأقل قوة من الناحية العسكرية. ولا شك في أن قيام إسرائيل بإقامة تحالف استراتيجي واقتصادي وعسكري مع دول الخليج من شأنه أن يثمر عن نتائج عملية هائلة، لكن في الوقت عينه لا بُد من القول إنه لا يمكن إقامة هذا التحالف الذي يبدو أنه الخيار الأخير الذي بقي لنا، من دون تسوية دائمة مع الفلسطينيين. وليس هناك أدنى أمل في أن تفعل ذلك الحكومة التي يسيطر عليها المستوطنون الأكثر تطرفاً. إن إسرائيل تدخل في خضم فترة صعبة للغاية وهي وحيدة تماماً من دون حلفاء أقوياء.

 

 

 

المزيد ضمن العدد 1788