حادثة أمس في الحدود الشمالية هي الأخطر منذ انتهاء حرب لبنان الثانية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       لا شك في أن السبب الرئيسي وراء الرد العسكري الإسرائيلي المحدود على العملية الاستفزازية التي وقعت أمس في منطقة الحدود مع لبنان، كامن في أن الذين قاموا بقتل أحد قادة الكتائب العسكرية في الجيش الإسرائيلي هم جنود الجيش اللبناني وليس مقاتلي حزب الله. ولو أن حزب الله أخذ على عاتقه المسؤولية عن مقتل هذا المسؤول العسكري لكان من الممكن الافتراض أن يقوم الجيش الإسرائيلي بشن هجوم على عرض الجبهة في جنوب لبنان. لكن نظراً إلى كون الجيش اللبناني هو المسؤول عن هذا الحادث، فإن جهوداً كبيرة تُبذل لتهدئة الوضع. ويبدو أن تدخل أطراف دولية، في مقدمها الإدارة الأميركية والأمم المتحدة، سيسفر عن إعادة الهدوء إلى لبنان، على الرغم من أن حادثة أمس تعتبر الأكثر خطورة منذ أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها قبل أربعة أعوام.

·       ومع أن المسؤولين في لبنان اتهموا إسرائيل بإثارة الاستفزاز، إلا إن كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي أكدوا أن الجيش لم ينتهك سيادة لبنان قطّ. وقد ألقى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، مساء أمس، خطاباً بمناسبة ذكرى مرور أربعة أعوام على حرب لبنان الثانية، قال فيه إن الحزب كان مستعداً للاشتراك في مواجهة إسرائيل، لكنه تفادى ذلك لعدم وجود إذن من الجيش اللبناني.

·       وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يحرص منذ سنة 2006، وكجزء من استخلاص دروس حرب لبنان الثانية، على الاحتفاظ بوجود له في عشرات الجيوب المنتشرة على طول السياج الحدودي. لكن اللبنانيين بدأوا، في الآونة الأخيرة، يتبنون موقفاً عدائياً إزاء الجيش الإسرائيلي على طول الحدود، ولا سيما في تلك الجيوب. وفي بضع حالات شوهد جنود لبنانيون يوجهون فوهات بنادقهم وصواريخ مضادة للدبابات صوب قوات الجيش الإسرائيلي. في الوقت نفسه، فإن تعاون الجيش اللبناني مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) تراجع كثيراً، وهناك تقديرات في إسرائيل فحواها أن حزب الله يقوم بتحرض قيادة الجيش اللبناني ضد إسرائيل، إلى درجة أن عدداً من كبار قادته قام، مؤخراً، بإغداق المديح على المقاومة.

·       وقالت مصادر رفيعة المستوى في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية إن تفاقم التوتر سببه أيضاً، تسلم ضابط شيعي مقرّب من حزب الله قيادة الكتيبة التاسعة في الجيش اللبناني، والذي كان أفراد منها هم المتورطون في حادثة أمس.

·       من ناحية أخرى، فإن واقع كون الجيش اللبناني هو المسؤول عن الحادثة يساعد في تهدئة الوضع، ذلك بأن الحكومة في بيروت ليس لديها مصلحة في خوض مواجهة مع إسرائيل، كما أن هذه الأخيرة معنية بالهدوء في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن الرد العسكري الإسرائيلي المحدود أمس، والذي تم بقرار من المؤسسة السياسية، كان موضع خلافات كبيرة في قيادة الجيش، وكان هناك ضباط كبار اعتقدوا أن الرد المطلوب كان يجب أن يكون أقسى بكثير.

غير أن المشكلة الحقيقية تبقى كامنة في وجود لاعب ثالث في الأزمة، هو حزب الله، والذي وجد نفسه، خلال الأسابيع القليلة الفائتة، يواجه أزمة كبيرة جرّاء احتمال صدور قرار ظني عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يتهم مسؤولين كباراً فيه بالضلوع في عملية اغتيال رفيق الحريري. ومن المحتمل أن يفضل حزب الله الاكتفاء بعملية تبادل إطلاق النار التي وقعت أمس ولم تلحق أي ضرر به، ذلك بأنه حرص في إثر وقوعها على إبعاد نفسه من ساحة القتال، وتجنّب أي تصعيد للوضع.