· حقق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، إنجازين مهمين، إلا إنه فوّت فرصة تحقيق إنجاز ثالث لا يقل أهمية.
· الإنجاز الأول هو في مجال سياسة الغموض النووي الإسرائيلي، التي ثارت في الآونة الأخيرة شكوك في احتمال استمرار الدعم الأميركي لها، فجاءت الزيارة كي تزيلها تماماً.
· أمّا الإنجاز الثاني فكامن في تغير طابع "التعامل الشخصي" مع نتنياهو من طرف الرئيس الأميركي باراك أوباما. ويمكن القول إن الجهود التي بذلها هذا الأخير كي يبرز علاقات الصداقة الحميمة بين الدولتين أمام ضيفه الإسرائيلي، تنطوي عملياً على اعتراف بفشل سياسة ممارسة الضغوط على إسرائيل.
· غير أن نتنياهو فوّت فرصة كبيرة لدفع المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية قدماً. فوفقاً لما نُشر عن لقاء أوباما ـ نتنياهو، فإن الزعيمين ركزا أساساً على مناقشة الترتيبات اللازمة لتسهيل الأوضاع المعيشية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، و"خطوات بناء الثقة"، ولم يهتما بالمبادئ الأساسية للتسوية الممكنة.
· لا شك في أن هناك حاجة ماسة إلى استئناف المفاوضات المباشرة على الفور، ذلك بأنه يصعب العثور على شخص واحد في العالم كله يعتقد أن نزاعاً عمره أكثر من 100 سنة يمكن تسويته بواسطة مبعوث خاص.
· إن الخطة التي يمكن تحقيق تسوية سلمية شاملة للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني في الوقت الحالي على أساسها تبلورت منذ سنة 2000 خلال مفاوضات كامب ديفيد، وورد ذكرها، ولو جزئياً، في رسالة [الرئيس الأميركي السابق] جورج بوش إلى [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] أريئيل شارون في 24 نيسان/ أبريل 2004، وكذلك في الاقتراح الذي قدمه [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت إلى [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس في آذار/ مارس 2009.
· وتشمل هذه الخطة ما يلي: انسحاب إسرائيل [من الضفة الغربية] وتفكيك معظم المستوطنات الإسرائيلية (باستثناء الكتل الاستيطانية الكبرى)؛ تقسيم السيادة في القدس بموجب مفتاح ديموغرافي والاتفاق على ترتيبات خاصة تتعلق بمنطقة "الحوض المقدّس"؛ إيجاد تسوية لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين مع ضمان عدم عودتهم إلى داخل إسرائيل؛ تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح وإقرار ترتيبات أمنية متبادلة.
· لا توجد حكومة فلسطينية يمكن أن توافق على خطة أقل من هذه الخطة، لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية ما زالت تمتنع حتى الآن من التطرق إلى ذكر الخطة الشاملة للتسوية التي توافق عليها. وليس هذا فحسب، بل إنها أوضحت أيضاً في مناسبات متعددة أنها تنوي الاستمرار في السيطرة على غور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية على معظم أجزاء القدس، ومجرد ذلك كاف للقضاء على أي احتمال لنجاح المفاوضات.
بناء على ذلك، فإن الإنجاز الذي لم يُحرَز خلال زيارة نتنياهو لواشنطن ناجم عن تفويت الفرصة لعرض موقف إسرائيلي عملي وقابل للتطبيق إزاء التسوية يكون مرتكزاً على المبادئ المذكورة، ومدعوماً من طرف الولايات المتحدة ومعظم دول العالم. ولو حدث ذلك، لربما كان من الممكن أن تسفر المفاوضات المباشرة عن خطوة تاريخية.