الاتفاق الموقت ليس كارثة، لكن التخوف الإسرائيلي هو من تحوله إلى اتفاق دائم
تاريخ المقال
المصدر
- في اللقاء الثالث خلال جولة المفاوضات الحالية مع إيران بشأن المشكلة النووية، جرى التوصل إلى اتفاق موقت بين الطرفين. وكان المنطق الأميركي لهذا الاتفاق بسيطاً للغاية، ألا وهو تقدير الأميركيين أنه من الصعب التوصل في هذه المرحلة إلى اتفاق شامل مع إيران لأن ذلك يتطلب المزيد من الوقت للتفاوض.
- ولأنه خلال مواصلة الطرفين مفاوضاتهما كانت هناك حاجة للتأكد من أن إيران لن تستغل هذه الأشهر لمواصلة تقدم برنامجها النووي، ولدت فكرة اتفاق موقت بحيث تحصل إيران مقابل قبولها بتجميد موقت لبرنامجها النووي، على تخفيف محدود للعقوبات لا يشمل العقوبات القاسية. وهكذا يبدو الاتفاق منطقياً.
- لكن يبرز هنا عدد من المشكلات المحتملة: أولاً؛ هل ستستطيع شروط الاتفاق كبح نشاط إيران؟ ثانياً؛ هل نثق بتقيد إيران بشروط الاتفاق؟ وأخيراً؛ ما الذي سيحدث فعلاً خلال الأشهر الستة بعد توقيع الاتفاق؟ وهل ستعبد الطريق نحو مفاوضات فعلية على اتفاق شامل يضمن عدم سعي إيران لامتلاك قدرة نووية عسكرية؟
- في ما يتعلق بشروط الاتفاق نفسه وبالاستناد إلى منطق إدارة أوباما، فإن الوضع في الإجمال ليس سيئاً. ولم يكن هذا هو الوضع عندما طرحت المسودة الأولى للاتفاق التي أثارت غضب وزير الخارجية الفرنسي، فقد اشتملت تلك المسودة على بضعة بنود إشكالية ولا سيما عبارة وردت في مقدمة الاتفاق اعترفت بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، والبند الذي تطرق إلى مفاعل أراك من دون أن يطالب بوقف أعمال البناء فيه.
- لقد أدخلت تعديلات على المسودة، وعندما عاد الطرفان الأسبوع الماضي إلى جنيف، حاولت إيران التمسك بالعودة إلى الصيغة الأصلية، لكن الدول الست العظمى أصرت على رأيها وتوصلت إلى اتفاق منطقي.
- إن الانتقادات الموجهة إلى الاتفاق والتي تتمحور على أمور لم يكن مفترضاً به معالجتها مثل تفكيك البرنامج النووي الإيراني، هي إشكالية إلى حد ما. ففي الواقع يمكن انتقاد المنطق الذي يكمن في هذا الاتفاق الموقت الذي تتخوف إسرائيل من تحوله إلى اتفاق دائم.
- أما في ما يتعلق بموضوع الثقة، فالجواب على ذلك قاطع، ليس هناك أي أساس لنثق بحسن نوايا إيران وأنها لن تحاول الالتفاق على القيود المفروضة، فبعد سنوات من الخداع والأكاذيب إزاء المجتمع الدولي، خسرت إيران الثقة. لذا، فإن وسائل الرقابة يجب أن تكون شاملة وزيارات المراقبين دورية.
- لكن المشكلة الأكثر إشكالية هي المتعلقة بمسألة الأشهر المقبلة، وهي التي تطرح تساؤلات حيال منطق إدارة أوباما. فالذي يبدو جيداً على الصعيد النظري يجب أن يختبر على صعيد الواقع. وهنا يبرز ما يدعو إلى القلق، فمن
المرجح ألا تقف إيران مكتوفة الأيدي خلال أشهر المفاوضات على الاتفاق الشامل، سواء في ما يتعلق بالعقوبات أو بالنسبة لبنود الاتفاق بحد ذاته.
- وطالما أن إيران لم تقم "بالعودة إلى الوراء" في ما يتعلق بنياتها العسكرية، فإنها لا تزال تمارس لعبة تكتيكية تحاول من خلالها الحصول على الحد الأقصى من تخفيف العقوبات مقابل الحد الأدنى من التنازلات. لذا، فمن المتوقع استمرار الضغط الإيراني من أجل الحصول على المزيد من تخفيف العقوبات، إلى جانب نقاشات لا تنتهي بشأن شروط الاتفاق.
- وعندما يجري توظيف كل الطاقات في لقاءات منهكة من هذا النوع، هل سيكون الطرفان قادرين فعلاً على إجراء المفاوضات الشاقة التي تنتظرهم، على جميع بنود الاتفاق؟ وإذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق شامل، هل سيأتي من يعلن فشل المفاوضات والانتقال إلى وسائل أخرى؟