الاتفاق مع إيران ليس جيداً لكنه ليس نهاية العالم وعلى نتنياهو أن يكف عن التهديدات الفارغة
تاريخ المقال
المصدر
- يمكن القول إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف بين مجموعة الدول 5+1 وإيران لا يزال بعيداً عن ضمان القضاء على البرنامج النووي الإيراني. وإذا ما استعملنا عبارة قالها [رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق] إيهود باراك بشأن اتفاق آخر، فإنه اتفاق مليء بالثقوب مثل الجبنة السويسرية.
- غير أن هذا الاتفاق من الناحية الإيجابية، يجعل إيران تحت رقابة دولية مثابرة ويكبح التقدّم في بعض أجزاء برنامجها النووي، في حين أنه من الناحية السلبية يُسلّم بحق إيران في أن تصبح على عتبة دولة نووية.
- في الظاهر، سيكون الاتفاق نافذ المفعول ستة أشهر فقط، ويتضمن سلسلة خطوات تبني الثقة بين الجانبين، وبقيت أغلبية العقوبات المفروضة على نظام طهران على ما كانت عليه. والاتفاق يحافظ على كل المنشآت النووية في إيران. ولكنه يشق طريقاً جديداً، وليس من المبالغة القول إن احتمال أن يوافق الإيرانيون بعد ستة أشهر على العودة القهقرى إلى الوراء أي إلى فترة ما قبل البرنامج النووي، يؤول إلى الصفر. كما أن احتمال أن يصبح الضغط العالمي على الإيرانيين بعد ستة أشهر أكبر وأن يتشكل اتفاق عام بين القوى العظمى على تشديد العقوبات أو على شن عملية عسكرية، يؤول هو أيضاً إلى الصفر. وستضطر إسرائيل كسائر دول الشرق الأوسط إلى أن تُكيّف نفسها مع مكانة إيران الجديدة باعتبارها دولة على عتبة امتلاك قدرة نووية.
- إن ذلك ليس جيداً لكنه ليس نهاية العالم. وكل إسرائيلي سواء كان خبيراً بالمسألة النووية أم لا، يدرك ذلك. ولذا يحقّ لنا أن نتساءل عما تعنيه تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الاجتماع الذي عقدته الحكومة أمس (الأحد) حين قال إن تداعيات الاتفاق في جنيف تهدد دولاً كثيرة بما في ذلك إسرائيل، وأكد أن إسرائيل غير ملزمة به، لافتاً إلى أن النظام الإيراني ملتزم بتدمير إسرائيل، ولهذه الأخيرة كامل الحق والواجب في الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية من أي خطر يهددها.
- فهل نتنياهو على وشك أن يأمر الجيش الإسرائيلي بتنفيذ هجوم عسكري على أهداف في إيران في ذروة المفاوضات معها؟ ولنفترض لحظة أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرة كهذه، فهل تستطيع إسرائيل أن تهدم بالقوة مساراً اتفقت عليه القوى العظمى الست في العالم؟ وهل نتنياهو مُهيأ لهكذا قرار يجعل إسرائيل في مواجهة العالم كله، ما عدا السعودية صديقتنا المخلصة والموالية والأبدية وشعاع النور الوحيد في الظلام؟ وهل وزراء المجلس الوزاري المصغر مُهيؤون لقرار كهذا وهل يريدونه؟
- ثمة شك كبير في هذا كله، ولذا فإننا نرجح احتمال أن يكون نتنياهو انجرّ وراء كلمات كبيرة جوفاء حفاظاً على تقاليد حزبه واليمين الإسرائيلي عموماً.
- ولا نسقط من الحساب أن تصريحات نتنياهو ناجمة عن شعور بالفشل الشخصي أيضاً، فقد حدث الاتفاق في أثناء ولايته كرئيس حكومة جعل شعارها الرئيسي مكافحة البرنامج النووي الإيراني بكل الوسائل الممكنة. لكن في عمله كرئيس حكومة لا يجوز أن تؤثر الإخفاقات الشخصية في عقله. وبدلاً من البكاء على الاتفاق الذي وقع عليه مثل الصاعقة، سيُحسن نتنياهو صنعاً إذا ما حصر جهوده في الاتفاق المقبل. وقد التزم رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما في العلن عشرات المرات بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية في نهاية المسار. وهذه نقطة بداية جيدة لحملة دعائية فعالة.
- سيحدث كثير من الأمور في غضون الأشهر القليلة المقبلة، فالمراقبون سيُسمح لهم أو لن يُسمح لهم بزيارة كل المواقع النووية في إيران. وأجهزة الطرد المركزي ستُعطل أو لن تُعطل. وتخصيب اليورانيوم سيخفف أو لن يُخفف. والعالم سيفي أو لن يفي بالتزامه المتعلق برفع جزء صغير من العقوبات.
- إن العمل المطلوب من إسرائيل أن تقف حارسة. وحتى لو كان الاتفاق بعيداً من توقعاتها، فلا يجوز أن تدعه يتلاشى. نتنياهو في انتظاره عمل كثير، فليتفضل للقيام به فليس هذا وقت التهديدات الفارغة أو الإشفاق على النفس.