ستة أشهر حاسمة في الطريق إلى الاتفاق الدائم مع إيران
تاريخ المقال
المصدر
- ثمة أسباب كثيرة تفسر رد الفعل الإسرائيلي الرسمي والمباشر أمس بأن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع إيران والدول الكبرى سيئ وخطير، من بينها أن إيران لم تتراجع قيد أنملة عن برنامجها النووي، وفي الحد الأقصى أنها لا تزال تراوح مكانها، بينما العالم لم يعترف بحقها في تخصيب اليورانيوم فحسب، بل خرق الغطاء الصارم لنظام العقوبات.
- واحتمال الخطر في ذلك واضح: ففي وقت لا تزال إيران فيه تحتفظ بقدرتها وتستطيع في أي لحظة المضي قدماً نحو صنع القنبلة، فإن الدول العظمى التي أرهقتها الحروب ستجد صعوبة في بلورة جبهة هجومية ضد إيران. وقد أحسن وزير الخارجية الإيراني في وصف الوضع الحالي حين قال: "لقد زال خطر الهجوم على إيران نهائياً".
- لكن إلى جانب هذه النظرة المتشائمة، برزت أمس في القدس وجهة نظر أخرى- لا يجري الحديث عنها علناً- وهي التي تقول: صحيح إن الاتفاق سيئ، لكنه أهون الشرور. وأصحاب هذه النظرة الذين ينتمي أكثرهم إلى المؤسسة الأمنية، يعتقدون أن إيران اضطرت إلى القبول بسلسلة من الأمور التي كانت من المحرمات بالنسبة إليها، ولا سيما في ما يتعلق بمسار تطوير البلوتونيوم الذي يجري في مفاعل أراك، وفي ما يتعلق بالامتناع عن تشغيل أجهزة الطرد المركزي الحديثة، وموافقتها على نظام رقابة صارم ودوري بما في ذلك الزيارات المفاجئة للمنشآت التي حتى الآن منع مراقبو الوكالة الدولية للطاقة النووية من دخولها.
- إن الخلاصة التي يستند إليها مؤيدو هذا الخط واضحة، وهي أن ما يحرك إيران هو شعورها بالضائقة، وبما أن الرفع التدريجي للعقوبات لن يحسن وضعها الاقتصادي دفعة واحدة، فهي ستمتنع عن تخريب الاتفاق في المستقبل المنظور.
- وثمة منطق في وجهتي النظر السابقتين، فالقاسم المشترك بينهما هو نظرتهما إلى المستقبل: فما تحقق في جنيف هو اتفاق موقت، وبغض النظر عما إذا كان سيئاً أم جيداً، فهو مجرد مرحلة قبل الاتفاق النهائي الذي سيستطيع العالم لدى التوصل إليه التخلص من الخطر النووي الإيراني، ومقابل ذلك ستعود إيران إلى حضن العائلة الدولية. لذا، فإن الأشهر المقبلة حتى الاتفاق النهائي ستكون حاسمة بالنسبة لإسرائيل.
- من المحتمل ألا ترتكب إيران أخطاء مما سيضاعف الصعوبة الإسرائيلية أضعافاً مضاعفة، ولا سيما أن التهديد بالهجوم العسكري خسر صدقيته ليس فقد بسبب تكرار التلويح به، بل وأيضاً بسبب صعوبة استخدامه في وقت يقف العالم كله ضده.
- ومن أجل تجاوز هذه الصعوبة، سيتعين على إسرائيل أن ترمم علاقاتها مع قمة الإدارة الأميركية، وأن تفعل ذلك سواء فيما يتعلق بالاتصالات من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران أو في ما يتعلق بالمحادثات مع الفلسطينيين.
- من المحتمل أن يبرز مجدداً شعار [مستوطنة] "يتسهار مقابل بوشهر"، وسيكون على حكومة نتنياهو القيام بمناورة سياسية غير بسيطة للتخلص منه.
- إن أحد المخارج المحتملة من هذه الورطة يمكن أن يكون عدم وجود اتفاق دائم مع إيران: فبعض الخبراء قدروا أمس أنه بعكس التصريحات والاتفاقات، فمن المحتمل أن تسعى طهران إلى تحويل الاتفاق الموقت إلى نهائي. وبهذه الطريقة سيحتفظ الإيرانيون بقدرتهم النووية ويستفيدون من تأكل العقوبات.لكن المفارقة أن هذا الوضع سيسمح لأعدائهم وفي طليعتهم إسرائيل، بالاحتفاظ ضدهم بخيار موثوق وعملي.