رسائل تطمين إسرائيلية إلى سوريا عبر قنوات أجنبية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

وجهت إسرائيل، خلال الأسابيع الفائتة، مزيداً من رسائل التهدئة إلى سورية تفيد بأن إسرائيل لا نية لديها لشن حرب. جاء ذلك بعد تجدد الخشية في إسرائيل من سوء تقدير (Miscalculation) في دمشق يمكن أن يؤدي إلى اندلاع العنف في المنطقة. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى إن الرسائل نقلت عبر بضع قنوات أجنبية بالتزامن مع التصريحات العلنية التي أدلى بها رئيس الحكومة إيهود أولمرت عن هذا الموضوع. ومع ذلك، لا يلوح في هذه المرحلة أي تقدم قد يؤدي إلى تجديد الاتصالات السياسية بين سورية وإسرائيل.

وقال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى أمس إن "الجهات الأوروبية التي نقلت رسائل من دمشق إلى أولمرت تكوّن لديها انطباع بأن أولمرت يحافظ على ذهنية منفتحة". وأضاف الدبلوماسي أن "الوضع على الحدود الشمالية هش وحساس، لكن، بحسب تقدير الاتحاد الأوروبي، لا يوجد احتمال لاندلاع حرب، لأنه لا توجد رغبة لدى أي من الأطراف في المبادرة إلى مواجهة".

وأمس أطلق أولمرت رسائل تهدئة بشأن مجريات الأمور في الشمال، وصرح أن الوضع الأمني هناك أفضل من أي وقت مضى. ففي لقاء مع ناشطي حزب كاديما من الوسط الروسي قال رئيس الحكومة: "شهدنا في الفترة الأخيرة عناوين متضاربة تتصدر وسائل الإعلام. وأقول بهدوء: إنني أعتقد أن أمامنا صيف هادئ، وخريف هادئ، وشتاء هادئ. نحن بطبيعة الحال نعمل على بناء قدرات الجيش الإسرائيلي وتعزيز كفاءته بواسطة التدريبات، واستيعاب وسائل قتالية متطورة نحن في حاجة إليها. لكن لا يوجد لدينا أي خطط، أو أي رغبة، أو أي مصلحة في أن نصل إلى مواجهة في شمال البلد أو جنوبه". وعلى حد قوله، فإن السوريين أيضاً غير معنيين بالحرب.

وأجرت اللجنة الوزارية لشؤون الجبهة الشمالية أمس نقاشاً آخر اشترك فيه، إلى جانب رئيس الحكومة، وزير الدفاع إيهود باراك، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، والوزراء: إيلي يشاي وآفي ديختر وشاؤول موفاز وبنيامين بن إليعيزر ورافي إيتان وأفيغدور ليبرمان. وكان النقاش واحداً في سلسلة من النقاشات التي تجري منذ نحو الشهرين بشأن الجبهة الشمالية. وقد عُقد ما مجموعه ست جلسات نقاش تناولت الاستعدادات لاحتمال اندلاع مواجهة جديدة مع حزب الله، ومع سورية. وعُرضت عدة مواضيع في هذه النقاشات: تقارير استخبارية عن تأهب الجيش السوري ووضع حزب الله بعد حرب لبنان؛ تقارير حول منظومة القذائف الصاروخية وصواريخ أرض ـ أرض الموجودة لدى سورية والتي تهدد الجبهة الداخلية؛ استعدادات الجبهة الداخلية في مواجهة احتمال إطلاق صواريخ من سورية؛ استكمال نظم صفارات الإنذار للسكان المدنيين؛ تحسين منظومة الملاجئ في مختلف أنحاء البلد؛ وجهوزية البنية التحتية حيال احتمال تعرضها للقصف بصواريخ طويلة المدى.

وشدد ديوان رئيس الحكومة أمس على أن نقاشات المجلس الوزاري تتناول الاستعدادات فحسب، وعلى أنها لا تؤشر إلى أي نية إسرائيلية لمهاجمة سورية، أو إلى نية سوريّة للقيام بعمل عسكري ضد إسرائيل. وأضاف مصدر سياسي رفيع المستوى أن حرب لبنان كشفت عن ثغرات كبيرة على صعيد الجبهة الداخلية "وهذا هو الموضوع المركزي الذي نحاول معالجته الآن".

وتشير المعلومات الاستخبارية التي تصل إلى القيادة السياسية إلى حركة نشطة لوحدات الجيش السوري، وقيام هذا الجيش بخطوات متعلقة بالجهوزية، لكن، بحسب هذه المعلومات، لم تتغير أماكن تمركز وحدات سلاح المشاة أو المدرعات أو الصواريخ السورية. وذكر مصدر سياسي رفيع أن "السوريين أيضاً يبذلون أقصى ما يستطيعون لعدم إبراز نشاطهم كي لا يخيفوا إسرائيل، وهم ما زالوا مقتنعين بأننا نحن الذين سنهاجمهم".

وترى الهيئات الاستخبارية، على اختلافها، أن احتمال تنفيذ سيناريو "الضربة الخاطفة" يتراجع، وهو احتمال يفترض أن قوة سورية محدودة الحجم نسبياً قد تحاول تنفيذ عملية سريعة للسيطرة على منطقة صغيرة من الجولان كجبل الشيخ أو إحدى القرى الدرزية، كي ترغم إسرائيل على الدخول في مفاوضات. والسيناريو الأكثر احتمالاً هو شن عمليات "إرهابية" في الجولان تقوم بها منظمات جديدة يتم إنشاؤها في سورية لهذا الغرض. وبحسب هذا السيناريو، يمكن أن يؤدي الرد الإسرائيلي على عملية ما إلى تدهور شامل. وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال يبرز في تصريحات مسؤولين سوريين كبار ممن يتحدثون عن "مقاومة" في الجولان، إلا أنه لا توجد أي معلومات استخبارية حقيقية عن نشاط خلايا إرهابية كهذه بتوجيه من نظام دمشق.