· لم يعد خافياً على أحد أن محاولة الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة لدى كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل تمديد جولة المفاوضات الحالية والسعي لتحقيق تسوية ما للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، توشك أن تستنفد نفسها.
· ومن المتوقع أن يرفع وزير الخارجية الأميركي جون كيري يديه عاجلاً أم آجلاً، ويطلق من وراء ظهر المندوبين الإسرائيليين والفلسطينيين آهات متحسرة يمرّر من خلالها رسالة إلى الجانبين فحواها: "مللت منكما".
· وعلى ما يبدو، فإننا لن ننجو بمرور الأيام من انتقام الولايات المتحدة من جراء إفشال هذه الجولة من المفاوضات، فالولايات المتحدة لا تنسى ولا تغفر، وستظل تتحيّن الفرصة للانتقام.
· وعلى ما يبدو فإن تهديد الجانب الفلسطيني بإلغاء اتفاقيات أوسلو لا يؤثر كثيرا في القدس. وعلى أي حال، فإن معظم الزعماء الذين تولوا رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد هذه الاتفاقيات والكثير من الوزراء وقادة اليمين الذين أصبحوا يسيطرون الآن على حزب الليكود، يرغبون في أن يروا إلغاءها.
· إن هؤلاء جميعاً على استعداد لأن يدفعوا ضريبة كلامية لتسوية ما مع الفلسطينيين بل وأن يوافقوا أيضاً على إطلاق أسرى وقتلة هنا وهناك، لكن ينبغي عدم المبالغة، فحتى الأكثر اعتدالاً في الأحزاب التي يتشكل منها الائتلاف الحكومي الحالي يعرفون الآن على نحو أفضل من أي وقت مضى، أن قبول مطالب الفلسطينيين يعني انهيار حلم الاستيطان في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· إن المشكلة هي أنه حتى الخيار الثاني- خيار الدولة الواحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط- يبدو أشبه بكابوس بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية.
· وهكذا، فإنه بين شرّ حل الدولتين وشرّ حل الدولة الواحدة، تتمايل سفينة الضالين الإسرائيليين والفلسطينيين فوق أمواج عاصفة.
· وليس من المبالغة القول إن حال جميع الذين سخروا من "نافذة الفرص" التي فتحت قبل عشرين عاماً وأتاحت بهذا القدر أو ذاك إمكان التوصل إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين، تشبه حال الذين وقفوا على ظهر سفينة "تايتانيك" وشاهدوا بأم أعينهم الجبل الجليدي المقترب من تلك السفينة التي اعتقد أصحابها أنه لا يمكن إغراقها.