الأرقام الحقيقية للمستوطنات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • نشر النائب السابق لمستشار الأمن القومي الأميركي إليوت أبرامز والباحث الشاب أوري سدوت مقالاً مشتركاً قبل بضعة أشهر في مجلة "فورين بوليسي" وفي "هآرتس" (14/8/2013)، أثار الكثير من الانتباه والجدل. فقد كانت الحجة الأساسية التي تناولها الكاتبان أن أحداً لا يعرف فعلاً عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] خارج "الكتل الاستيطانية". وأن هناك أطرافاً متعددة تستغل عدم وجود هذه المعلومات من أجل تحقيق أهدافها من خلال تضخيم أعداد المستوطنين.
  • ولم أنج من الاتهامات الموجهة ضدي بالتلاعب بالأرقام. وقد استشهد الكاتبان بمقال لي سابق نشرته العام الماضي في "نيويورك تايمز" قلت فيه إن هناك نحو 160 ألف يهودي يسكنون "في تجمعات تقع خارج كتل المستوطنات التي يعتقد مؤيدو فكرة الدولتين أن في الإمكان ضمها بسهولة إلى إسرائيل". وقد شكك الكاتبان بما ذكرته وكتبا بسخرية: "لقد اختار الفلسطينيون ومجلس يهودا والسامرة استراتيجية تضخيم الأرقام. لقد فعل الفلسطينيون ذلك كي يخلقوا شعوراً بالالحاح، أما مجلس يهودا والسامرة فلكي يخلق شعوراً بالنصر وبأن هناك واقعاً لا عودة عنه".
  • وفي الحقيقة، فإن الرقم الذي ذكرته في مقالي، إذا كان غير صحيح، فإنه أقل من التقديرات الحقيقية. يستخدم أبرامز وسدوت أرقام التصويت الفعلية في الانتخابات الأخيرة للكنيست من أجل التوصل من خلالها إلى عدد سكان المستوطنات. ويعتبرهذا خطأ منهجياً، والأهم من ذلك أنه لا لزوم له. فالرقم المطلوب، أي عدد السكان في كل مستوطنة، واضح ومعروف، فاستناداً إلى سجلات السكان بلغ عدد المواطنين الإسرائيليين الذين يسكنون في يهودا والسامرة في نهاية حزيران/يونيو 2013، ما يقارب 366,697 شخصاً. أما في ما يتعلق بعدد الإسرائيليين الذين يسكنون في أحياء القدس الواقعة خارج خط وقف اطلاق النار لسنة 1949، فمن الصعب تقديره لعدم وجود تمييز إداري بينهم وبين سكان القدس. لكن التقديرات المتحفظة تقول إن عددهم نحو 200,000 شخص. وبناء على ذلك، فإن هناك أكثر من 566,000 إسرائيلي يسكنون اليوم خارج الخط الأخضر.
  • لكن الأكثر أهمية هو معرفة عدد الإسرائيليين الذين يسكنون خارج "الكتل". ولهذا الرقم أهمية سياسية حاسمة. إذ على الرغم من كوني من كبار المعارضين لمبادرة جنيف [2003] التي وضعها يوسي بيلين وياسر عبد ربه، فإنني لا أعرف خريطة أقرب إلى أن تحظى بموافقة الفلسطينيين من الخريطة التي تضمنتها هذه الخطة، فجميع الخرائط التي وضعها الإسرائيليون في الماضي لن تكون مقبولة من الطرف المقابل.
  • وبالاستناد إلى خريطة جنيف، فإن المستوطنات التي ستبقى تحت سيطرة إسرائيل هي: المدينتان الحريديتان [نسبة الى الحريديم او المتدينين المتشددين] موديعين عيليت، وبيتار عيليت (اللتان يبلغ عدد سكانهما معاً 105,552 نسمة)، ومعاليه أدوميم (39,175) وغفعات زئيف (14,793)، وألفيه منشيه، وأورانيت، وشعاري تكفا، وعيتس أفرايم، وألكانا غربي شومرون (25,816)، هأر أدار، وحشمونئيم، متتياهو وكفار أورانيم غربي بنيامين (12,456). ويبلغ العدد الاجمالي لسكان هذه المستوطنات 207,905 نسمة. وهذا يعني أن أكثر من 158,972 من الإسرائيليين في يهودا والسامرة يسكنون في المنطقة الفلسطينية بالاستناد إلى خريطة جنيف.
  • وعلى الرغم من أن هذه الأرقام لا تشمل القدس، فإن خريطة جنيف تبقي في يد إسرائيل جميع الأحياء اليهودية في القدس، باستثناء حي واحد هو هار حوما الذي يضم اليوم نحو 24,000 إسرائيلي.
  • ونصل هنا إلى الرقم المتعلق باليهود المحتمل طردهم من منازلهم، أي 183,000 رجل وامرأة وطفل. وهذا الرقم يزيد بنحو 20,000 شخص عن تقديراتي الأولية التي اتهمت بتضخيمها. في المقابل، فإن هذا الرقم يزيد بأكثر من ضعفين ونصف من العدد 70,000 شخص الذي أخذه أبرامز وسدوت من أعضاء حركة "السلام الآن".
  • إن الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن الذين يتلاعبون بالأرقام وينشرون معلومات خطأ بشأن هذه المسألة المهمة، هم تحديداً الذين يؤمنون بالفكرة المجنونة أنه يمكن طرد اليهود من منازلهم.