بين خطاب نتنياهو في بار - إيلان وخطابه في الكونغرس
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال، العدد 261
المؤلف

·       إن خطاب رئيس الحكومة أمام مجلسي الكونغرس الأميركي (24 أيار/مايو 2011) هو الثالث من مجموعة خطب عرض فيها موقفه من الموضوع

الفلسطيني. كان الخطاب الأول هو الذي ألقاه في جامعة بار - إيلان في حزيران/ يونيو 2009، أما الثاني فألقاه في الكنيست في 16 أيار/مايو 2011. وتدل الفوراق الضئيلة بين هذه الخطابات الأساسية على تطور حذر ومدروس، وعلى محاولة من جانب نتنياهو لمواجهة نوعين من الضغوطات، الأولى ضغوطات داخلية والأخرى دولية.

·       يمكننا تفسير سلوك نتنياهو في الأسبوع الأخير تجاه أوباما بأنه جاء نتيجة سعيه إلى إيجاد توازن بين الضغوطات الداخلية والحاجات الخارجية. فالرد السريع لنتنياهو على كلام أوباما بأن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يجب أن يستند إلى حدود 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي كان موجهاً إلى الداخل الإسرائيلي. ولقد بذل نتنياهو جهداً كبيراً في خطابه في الكونغرس من أجل إصلاح الضرر الذي سببه لعلاقته بأوباما، وذلك من خلال إغداق الثناء عليه والاستشهاد بكلامه، من دون ذكر حدود 1967. ويبقى السؤال: هل استطاع نتنياهو من خلال خطابه في الكونغرس أن يوفر لأوباما ما يكفي لمنع مناقشة الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الإعلان عن دولة فلسطينية؟

·       على الصعيد الداخلي، كان على رئيس الحكومة أن يوازن بين الضغوطات الصادرة عن شريكه الأصغر إيهود باراك المهم في شبكة التوازنات القائمة وبين الضغوطات الصادرة عن شركائه من اليمين مثل إسرائيل بيتنا والمعسكر المتشدد في الليكود.

·       إن معدل عمر الحكومات في إسرائيل عامان، لكن من الممكن أن تنجح حكومة نتنياهو، التي اجتازت هذا المعدل، في البقاء حتى نهاية ولاية رئيس الحكومة والانتخابات المقبلة في 2013. إن نقطة الانطلاق في تحليلنا لخطابات نتنياهو هي أن بقاءه في السلطة يشكل هدفاً أساسياً ضمن مجموعة اعتباراته.

·       على الصعيد الدولي، يحتاج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى دعم الرئيس أوباما وزعماء آخرين كبار في العالم الغربي، الذين يضغطون عليه لتقديم خطة معتدلة تساعدهم في منع مناقشة الجمعية العامة للأمم المتحدة مسألة قيام الدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر وإصدار قرار بشأنها، وذلك بعد أن بات من شبه المؤكد أن الأمم المتحدة ستعلن عن قيام دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

·       يمكن متابعة تطور مواقف نتنياهو في عدد من الخطابات. في خطاب بار-إيلان (حزيران/ يونيو 2009)، اشترط نتنياهو موافقته على حل الدولتين لشعبين باعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، وأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ولا سيطرة لها على المجال الجوي.

·       وفي خطابه أمام الكنيست (16 أيار/ مايو 2011)، أضاف نتنياهو إلى المعادلة التي طرحها في بار ـ إيلان شيئاً جديداً، فقال إن مشكلة اللاجئين يجب أن تحل خارج حدود إسرائيل، وإن كتل المستوطنات ستبقى تحت سيطرة إسرائيل.

·       من ثم أدخل نتنياهو أموراً جديدة في خطابه أمام الكونغرس على الرغم من احتجاجات مؤيديه من اليمين، فقد كرر موقفه من المستوطنات وأضاف أن بعض المستوطنات ستبقى، بعد الاتفاق، خارج حدود إسرائيل. واقترب نتنياهو بطرحه هذا من الصيغة التي اقترحها حزب العمل قبل انشقاق باراك عنه، ومن موقف كاديما القائل إن مساحة الدولة الفلسطينية ستكون مساوية لما كانت عليه قبل حرب 1967.

·       كما أدخل نتنياهو نقطة جديدة في خطابه أمام الكونغرس في موضوع القدس. فبعد تكراره للموقف التقليدي قال "أعلم أن مشكلة القدس صعبة بالنسبة إلى الفلسطينيين، لكن من خلال الإرادة الطيبة والأفكار الخلاقة نستطيع أن نجد حلاً". لا يمكن تفسير كلامه هذا على أنه اعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، لكنه يشكل إقرارا بمدى حساسية الموضوع واستعداداً للبحث عن حلول "خلاقة".

·       أثبت نتنياهو مرة أخرى أنه سياسي تواقٌ للدفاع عن بقائه في الحكم. وسوف تساعده الصيغ التي استخدمها في خطابه في الكونغرس على البقاء لمدة أطول في سدة رئاسة الحكومة، بعد أن نجح في تجاوز محاولات اليمين في حزبه للضغط عليه. لقد تبنى نتنياهو منذ خطاب بار- إيلان صيغة للتسوية هي موضع إجماع إسرائيلي، الأمر الذي يشكل تهديداً لموقع رئيسة المعارضة تسيبي ليفني بوصفها تمثل الأغلبية التي تقبل بقيام دولة فلسطينية.
 

* نشرة استراتيجية يصدرها المعهد.