· لا شك في أن الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي [في يوم 24 أيار/ مايو الحالي] كان محطة مهمة في حياته السياسية، لكنه لا يمكن أن يشكل بديلاً من سياسة السلام، وإسرائيل لا تملك في الوقت الحالي سياسة كهذه.
· في الوقت نفسه فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يغيّر أو يجدّد شيئاً في الخطابين اللذين ألقاهما الأسبوع الفائت، وكل ما فعله هو أنه أعرب عن تأييده غير القابل للتأويل لحل النزاع بيننا وبين الفلسطينيين على أساس حدود 1967 مع تبادل أراض متفق عليها، وذلك على الرغم من أنه لم يطرح خطة مبلورة لتحقيق هذا الحل.
· ومن الواضح أن تبادل الأراضي سيغير خطوط الحدود مقارنة بخطوط 1967، غير أن هذا التغيير لا يعني التنازل عن مطلب إيجاد حل على أساس حدود 1967. ووفقاً لتبادل الأراضي سيتم نقل أجزاء من الأراضي في منطقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] التي كانت منذ سنة 1967 خاضعة لسيادة إسرائيل إلى سيادة الدولة الفلسطينية في مقابل بقاء ثلاث كتل استيطانية في تلك المنطقة خاضعة لسيادة إسرائيل. إن حل الدولتين ضروري وحيوي لأمن إسرائيل وازدهارها، وحدود 1967 تشكل المفتاح لهذا الحل، ويجب عدم الخشية منها مطلقاً.
· كما أنه من الواضح أن دول العالم المستنير كلها، بما في ذلك الأغلبية الساحقة من الجمهور الأميركي، تؤيد انفصال الأحياء العربية في القدس عن السيادة الإسرائيلية. ويبدو أنه لم يعد ثمة مهرب من تنفيذ هذا الانفصال كي نحافظ على عاصمة إسرائيل كمدينة يهودية، ومن يرفض ذلك يسدّ الطريق أمام إمكان إحلال السلام.
· ومما يثير القلق أيضاً أن زيارة رئيس الحكومة لواشنطن أبرزت الخلافات مع الولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضرراً كبيراً بمكانة إسرائيل في العالم.
· إزاء هذا كله لا بُد من القول إن استطلاعات الرأي العام [التي بينت ارتفاع شعبية نتنياهو] يمكن أن ترفع المعنويات لكنها لن تغيّر الواقع، والمحك الأساسي للزعامة يبقى كامناً في الشجاعة والإصرار والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة حتى لو أدى ذلك إلى خوض مواجهة مع أعضاء حزبك أو مع مؤيديك السياسيين.
· على إسرائيل أن تصنع السلام وأن توافق من أجل ذلك على الانسحاب إلى حدود تكون مستندة إلى خطوط 1967، وعليها أيضاً أن تحافظ على الأجزاء اليهودية في القدس، وأن تتوصل إلى اتفاقيات أمنية تكون الولايات المتحدة ضامناً لها، وأن تضمن أن تسفر هذه العملية كلها عن الحفاظ على إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. إن هذه الأمور كلها لن تتحقق من خلال خطابات في الكونغرس أو في الكنيست، وإنما من خلال اتخاذ قرارات شجاعة تغيّر الواقع الذي بات يشكل خطراً على مكانة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية في العالم أجمع.