التنسيق الأمني السري بين إسرائيل و"حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

·       تواصل الجرافات المصرية منذ فترة ردم الأنفاق "غير الشرعية" التي تربط بين رفح المصرية وقطاع غزة، والمقصود بذلك الأنفاق الموجودة في الجانب الفلسطيني وغير الخاضعة لمراقبة "حماس". فحتى الآن ردمت مصر نحو 120 نفقاً من أصل نحو 1200، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالنشاط التجاري الذي يتم عبر هذه الأنفاق، لكنه من ناحية أخرى زاد في حجم البضائع المستوردة من إسرائيل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم سالم.

·       وفي الواقع، عندما تكون أعمال تهريب البضائع عبر الأنفاق تسير على ما يرام يتراجع الطلب على البضائع الإسرائيلية في غزة، في حين أن منع عبور هذه البضائع يزيد الطلب على البضائع الإسرائيلية. وفي الأيام الأخيرة عاود تجار القمح والسكر في غزة شراء بضائعهم من إسرائيل بعد أشهر طويلة كانوا خلالها يستوردونها من مصر وينقلونها عبر الأنفاق.

·       ويعتبر معبر كفر سالم المعبر الوحيد المفتوح حالياً بين إسرائيل وقطاع غزة، ومن الصعب أن نجد نموذجاً يوضح العلاقات المعقدة بين إسرائيل و"حماس" كالنشاط اليومي الدائر هناك، إذ يشهد هذا المعبر نشاطاً تجارياً كبيراً، بصمت ومن دون أن يلفت انتباه أحد. وتعدّ الأرقام خير دليل على ذلك، فعشية إبحار أسطول الحرية إلى غزة في أيار/مايو 2010، كان يجتاز معبر كفر سالم إلى قطاع غزة يومياً نحو 60 - 70 شاحنة، أمّا اليوم، فوفقاً لكلام رئيس إدارة المعابر في وزارة الدفاع، يمر عبره نحو 250 شاحنة يومياً.

·       ويثبت النشاط التجاري على المعبر أن شعارات "حماس" الجهادية، ودعواتها إلى محاربة إسرائيل مجرد كلام لا معنى له، إذ تتعاون "حماس" اليوم بصورة غير مباشرة مع إسرائيل من أجل المحافظة على الهدوء وعلى النشاط الاقتصادي في القطاع. وعلى الرغم من عدم وجود "حماس"، بصورة ملموسة، في الجانب الفلسطيني من المعبر، إلاّ إنها تسيطر على حركة الدخول والخروج عبره. ولقد أطلع عامل فلسطيني الصحيفة على أنه من أجل اجتياز المعبر هو بحاجة إلى بطاقة عامل تصدرها "حماس"، والواضح أن "حماس" تحتاج إلى معبر مفتوح مع إسرائيل، مثل حاجتها إلى الأنفاق مع مصر.

·       وتقوم حالياً عائلتان بتشغيل المعبر، هما: شحيبر وعاقل، وقد حصلتا على تصريح من السلطة الفلسطينية في رام الله، وذلك بعد حصولهما على موافقة "حماس". والعائلتان تتوليان مسؤولية الأمن على المعبر في الجانب الفلسطيني (من دون استخدام السلاح)، في حين تقوم "حماس" بحماية المعبر من الخارج. وينسق مع إسرائيل ممثل وزارة التجارة والصناعة في رام الله رياض فتوح، وهو يبقى على صلة مع حكومة "حماس".

·       ويصف الجانب الإسرائيلي هذا التعاون بـ "المذهل"، فالمطالب الأمنية يجري تنفيذها في الجانب الفلسطيني الذي يستطيع الإسرائيليون مراقبة ما يجري فيه في كل لحظة. فعلى سبيل المثال، جرى إدخال جرافات إسرائيلية (بالتنسيق مع الفلسطينيين) إلى قطاع غزة من أجل توسيع المعبر.

·       لكن تجدر الإشارة إلى عدم وجود اتصال حقيقي بين العمال الإسرائيليين والعمال الفلسطينيين، إذ تفصل بين الطرفين منطقة "عازلة" حيث يجري تجميع البضائع المستوردة من إسرائيل.

·       لقد حاولت حركة "حماس" فرض ضرائب على هذه الشاحنات من دون أن تنجح، لأن التجار سبق أن دفعوا الضرائب للسلطة الفلسطينية. ولهذا السبب تسعى الحركة، مع رغبتها في وجود في معبر صغير لعبور البضائع من إسرائيل لاستمرار الاعتماد على الأنفاق، لأنها بهذه الطريقة تتجنب دفع الضرائب للسلطة، وتستطيع أن تجني أرباحاً طائلة. وتجدر الإشارة إلى أن الضرائب التي تجبيها "حماس" من استيراد الوقود من مصر يدخل إلى خزائنها سنوياً مبلع 700 مليون شيكل، وهو مبلغ كبير في الحسابات الفلسطينية، وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 50٪ من البضائع التي دخلت إلى القطاع مصدرها إسرائيل.

·       تتعارض مصلحة السلطة الفلسطينية مع مصلحة "حماس"، فبالنسبة إلى السلطة من الأفضل أن تمر أغلبية البضائع عبر معبر كفر سالم من أجل زيادة مداخيل الحكومة في رام الله، وإلحاق الضرر بمداخيل "حماس" من الأنفاق.

·       ولقد أدى الانتقال الحر للبضائع إلى قطاع غزة سواء من إسرائيل أو عبر الأنفاق إلى حركة بناء كبيرة في القطاع. وثمة نقص كبير في عمال البناء في غزة، ولهذا يتم إرسال مجموعات من الشباب من القطاع إلى تركيا للحصول على تأهيل مهني.