محمد مرسي قد يتحول إلى أحد أكبر زعماء العالم العربي
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

 

·       بعد مرور شهرين على انتخابه يبدو محمد مرسي سياسياً بارعاً ومحنكاً، لا يقيد نفسه بأيديولوجيات أو تحالفات معروفة، ويعرف كيف يبعد أخصامه. ولقد نجحت القرارات الأخيرة التي اتخذها في فرض جدول أعمال على مصر، ومنحته وقتاً وهامشاً للعمل يستطيع من خلالهما تعزيز سلطته.

·       طبعاً، ما زال الرئيس مرسي وفياً للهدف الاستراتيجي لحركة الإخوان المسلمين، أي إقامة دولة إسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية. لكن من الواضح أنه يدرك جيداً ما هي القرارات التكيتكية الواجب اتخاذها من أجل التوصل إلى تحقيق هذا الهدف بالتدريج وبطريقة مضمونة.

·       ومما لا شك فيه أن مقتل الجنود المصريين على يد الإرهابيين الإسلاميين شكل فرصة ليثبت الرئيس مرسي كفاءته، إذ كان من المنتظر أن يؤدي الهجوم الدموي الذي نفذته خلال شهر رمضان التنظيمات الإسلامية، إلى تعزيز قوة الجيش وإضعاف مرسي، إلاّ إن ما جرى كان عكس ذلك.

·       وأعترف أنني كنت من الذين توقعوا أن يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة باستغلال المناسبة لمصلحته، لكن مرسي استبق خطوة الجنرالات بتحميله قادة الجيش مسؤولية الهجوم، وبإقدامه فوراً على إقالة محافظ شمال سيناء ورئيس الاستخبارات. وبهذه الطريقة مهد الطريق أمام إبعاد الطنطاوي ورئيس أركان الجيش المصري من دون أي اعتراض. في المقابل استعاد مرسي الصلاحيات القانونية التي حاول الجيش أن يحرمه منها.

·       ولقد نجح مرسي من خلال قراراته الثلاثة السريعة في توطيد مكانته الشعبية، وإيجاد البنية القانونية لخطواته، وفي إيصال مجموعة من الضباط الشباب إلى قيادة الجيش ستكون أكثر ولاء لسلطته. وهكذا وضع جانباً القيادة القديمة لمصر التي كانت تعتقد، مثلما كان مبارك يعتقد أيضاً، بأنه لا يمكن حكم مصر من دونها، وانطلق قطار الحكم الجديد إلى الأمام.

·       يعكس سلوك مرسي سياسة متوازنة وشجاعة امتاز بها كبار قادة العالم العربي. فقد شن الجيش المصري حملة عسكرية واسعة النطاق في سيناء، وبعد عرض القوة هذا أرسل الرئيس وفداً من جانبه لإجراء محادثات مع المقاتلين هناك، وأوقف العمليات العسكرية. وهو لم يتردد في خرق اتفاق السلام، فأدخل دبابات إلى سيناء، لكنه سارع إلى إعلان موقف معتدل وطمأن الدول المجاورة بأن عليها ألاّ تخاف من مصر.

·       ويظهر هذا كله رغبة مرسي في توطيد سلطته في الداخل والخارج في آن معاً، فهو لا ينوي المبادرة إلى مواجهات عنيفة مع إسرائيل، لكنه لا يرغب في إعادة الحرارة إلى العلاقات الدبلوماسية، كما أنه لن يزور القدس، ولن يوجه دعوة إلى نتنياهو لزيارة القاهرة.

·       بعد مرور ثمانية أسابيع على انتخاب مرسي رئيساً للجمهورية في مصر، يبدو أنه يملك القدرة على أن يصبح من كبار الزعماء في منطقتنا. ومع ذلك ثمة خطر واحد يشكل تهديداً حقيقياً ومباشراً لحكمه، وهو مواجهة مصر لأكبر أزمة اقتصادية عرفتها في الزمن المعاصر، والتي من الصعب إيجاد حلول سحرية لها.

·       إن الرئيس المصري الذي نجح حتى الآن في المناورة بين الجيش والجهاديين في سيناء، وبين إسرائيل وإيران، وبين واشنطن وبكين، يتعين عليه إيجاد الوسيلة التي يستطيع فيها إطعام الأفواه الجائعة في بلده، وإلاّ فإن فترة حكمه ستصبح قصيرة ومريرة.