على حملة الاحتجاج الاجتماعية أن تفتح نافذة لمستقبل مغاير في إسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
- لا شك في أن حملة الاحتجاج الاجتماعية التي تشهدها إسرائيل منذ نحو ثلاثة أسابيع تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات كثيرة منها: أين كنا حتى الآن؟ ولماذا سمحنا بحدوث جميع الأضرار التي لحقت بالطبقة الوسطى؟ وكيف سلمنا بواقع تحويل الحكومات التي انتخبناها جهازي الصحة والتربية والتعليم إلى كماليات؟ ولماذا لم نحرّك ساكناً إزاء عمليات الخصخصة التي تشمل كل شيء؟
- يبدو لي أن ثمة أسباباً كثيرة لهذا كله، غير أن الانقسام العميق إزاء مسألة الاحتلال يعتبر في نظري العامل الأهم الذي تسبب بشلل منظومة النقد والإنذار لدى المجتمع الإسرائيلي برمته، وهو الذي جعلنا نصرف النظر عن المشكلات الاجتماعية ولا ننصت إلى معاناة الناس.
- وكلما كان الجدل بشأن الاحتلال يتفاقم ويعمق الانقسام أكثر فأكثر، كلما صرنا بالنسبة إلى المؤسسة السياسية الحاكمة مادة سهلة أكثر للسيطرة والتحايل عليها، ولشلّ قدرتها على التفكير الحر، وذلك تطبيقاً للمقولة المعروفة "فرّق تسد". وبناء على ذلك، فإن المناقشات التي كان يجب أن تثار بشأن موضوعات مهمة مثل العلاقة بين المال والسلطة وما شابهها، سرعان ما كانت تتحول إلى مناقشات عقيمة بشأن من يحب الدولة ومن يكرهها، ومن يدين بالولاء لها ومن يخونها، وشيئاً فشيئاً أغلقت الطريق أمام إمكان توجيه أي نقد حقيقي إزاء ما يحدث هنا، وإزاء الأوضاع الاقتصادية - الاجتماعية.
- ومع أن حملة الاحتجاج الاجتماعية الحالية ما زالت تفتقر إلى الوضوح الكامل، ومع أننا ما زلنا لا نعرف حتى الآن ما هي الوجهة التي ستسير فيها، إلاّ إنها آخذة في التبلور أكثر فأكثر، ولعل أفضل دليل على ذلك هو جوهر الشعارات التي ترفعها، وفي مقدمها شعار "الشعب يريد عدالة اجتماعية".
وما نأمل به أيضاً هو أن تكون حملة الاحتجاج هذه مناسبة لتعميق الحوار بين فئات المجتمع الإسرائيلي المتعددة، وفي الأساس بين المتدينين والعلمانيين، وبين اليهود والعرب، وذلك بهدف تطوير قاسم مشترك لهذه الفئات كلها يتعلق بطابع الهوية المدنية لدولة إسرائيل. وفي حال حدوث تطورات ملموسة على هذا الصعيد، ربما تفتح هذه الحملة أمامنا نافذة إلى مستقبل مغاير.