· بعد اللقاء الذي جرى بين الرئيس المصري محمد مرسي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مكة خلال قمة الدول الإسلامية، أعلنت مصادر في مكتب رئاسة الجمهورية المصرية عن نية مرسي زيارة طهران لحضور قمة دول عدم الانحياز في نهاية هذا الشهر. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى إيران منذ الثورة الإسلامية سنة 1979.
· وأثار الحديث عن الزيارة موجة من التكهنات بشأن ما إذا كان الرئيس المصري بصفته رئيساً يمثل الإخوان المسلمين، يستطيع أن يقود عملية مصالحة جدية بين السنة والشيعة، لا سيما وأن هذه المصالحة كانت هدفاً من أهداف حركة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها على يد حسن البنا سنة 1928.
· وتجدر الاشارة إلى أن بعض الزعماء الإيرانيين اعتبروا إيديولوجيا الإخوان المسلمين مصدراً يمكن العودة إليه. فعلى سبيل المثال قام آية الله علي خامنئي بنقل كتابات سيد قطب من اللغة العربية إلى اللغة الفارسية. وفي إثر حرب لبنان الثانية تموز/يوليو 2006، أعرب الإخوان المسلمون ومرشدهم العام في تلك الفترة محمد مهدي عاكف، عن دعمهم العلني لإيران.
· لكن رغم هذا الماضي، فإن عملية المصالحة السنية – الشيعية تواجه اليوم عدداً من التحديات مما يجعلها مهمة صعبة.
· أولاً؛ هناك الثورة في سورية التي ستؤثر على العالم العربي في الأعوام المقبلة. ولا خلاف اليوم بأن الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد لا يقتصر فقط على شحنات السلاح، إذ يوجد جنود شيعة من إيران يقاتلون اليوم عرباً من السنة في المنطقة الواقعة بين حمص وحلب. وهذا يعني أنه بات لإيران حساب دموي مع العالم العربي السني، مما يجعل من الصعب تخيل كيف سيتمكن مرسي من معانقة الزعامة الإيرانية.
· ثانياً؛ يوجد بين الإخوان المسلمين من يعارض أي مصالحة مع إيران. إذ بدءاً من سنة 2008 يحذر الشيخ يوسف القرضاوي، والذي يعتبر المرجعية الدولية العليا للإخوان المسلمين، من أن الشيعة يريدون "غزو" الطائفة السنية بدعم من إيران، ودفع السنة إلى التشيع.
· ثالثاً؛ هناك عامل ثالث يتعلق بدول الخليج وعلى رأسها السعودية. فبالاستناد إلى وثائق المحكمة الفيدارلية الأميركية، فإن منفذي الهجمات التي وقعت ضد المجمعات السكنية في خُبر في السعودية سنة 1996، هم من السعوديين الشيعة، من الذين جرى تجنيدهم وتدريبهم على يد حزب الله في لبنان، وأن الأوامر وصلت إليهم من قادة كبار في الحكم الإيراني. وهذا العام كشف مكتب التحقيقات الفدرالية (FBI) الأميركي عن محاولة قام بها الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع عصابات تهريب مخدرات مكسيكية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.
· انطلاقاً من هذا كله، فإذا أراد مرسي بناء علاقات مع إيران، فإنه سيواجه مشكلة مع العائلة المالكة السعودية، التي يطالبها بمساعدة بلاده اقتصادياً. وفي نهاية الأمر ليس من المفاجىء أن يقرر مرسي الغاء زيارته إلى طهران. فقد يكتشف الإخوان المسلمون أن الخلاف بين المسلمين السنة والشيعة هو أكثر تعقيداً مما اعتقدوا.