من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· تختلف العملية العسكرية المصرية التي بدأت صباح أول أمس في شمال شرق سيناء بصورة كاملة عن العمليات التي تعودت عليها إسرائيل في الأعوام الأخيرة، والتي امتازت عامة بعدم فعاليتها. ففي إثر الهجمات الانتحارية التي وقعت سنة 2004 ضد بعض الأماكن السياحية المشهورة في سيناء وعلى شاطىء البحر الأحمر، بالإضافة إلى سائر الهجمات الأخرى، كان الجيش المصري يتردد في الحسم، ويفضل عودة الهدوء إلى المنطقة الساحلية، الأمر الذي أدى إلى إهمال وسط سيناء، باستثناء بعض العمليات العسكرية المحدودة التي كانت تنتهي باعتقال عشرات الأشخاص الذين لا يُلبث أن يُطلق سراحهم.
· لكن يبدو أن مقتل 16 جندياً مصرياً أحدث صدمة قوية داخل مصر، ولا سيما وسط كبار المسؤولين في القيادتين الأمنية والسياسية. فقد رأى هؤلاء في الهجوم الذي شنه الإرهابيون المسلحون على موقع لحرس الحدود المصري، الذي يقع على بعد نحو كيلومترين من الحدود الإسرائيلية وفي الوقت الذي كان فيه الجنود يتناولون وجبة الإفطار في شهر رمضان، إعلاناً للحرب على القاهرة من جانب الجهاد العالمي والمجموعات البدوية التي شاركت في الهجوم.
· في الساعة الثالثة فجر يوم الأربعاء أعطي الضوء الأخضر للقوات المصرية للبدء بعملية تمشيط واسعة في موقعين يعتبران وكراً للإسلاميين، هما بلدة التومة وجبل حلال. وقد قام سلاح الجو المصري إلى جانب القوات البرية المصرية المدرعة بقصف عدد من الأهداف.
· بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو التالي: ما هي المدة التي ستستغرقها العملية؟ فمن الطبيعي أن عملية محدودة كهذه من شأنها أن تهدىء قليلاً من غضب الرأي العام المصري، لكنها بالتأكيد لن تنجح في اقتلاع الإرهاب من جذوره في سيناء، ولا سيما في جزئها الشمالي الشرقي. وتحتاج مصر كي تتمكن من القضاء على الخلايا الإرهابية إلى سلسلة طويلة من العمليات التي لن تكون قادرة على تنفيذها، مثل عمليات اعتقال واسعة، وتصفية العناصر الإرهابية، ووقف أعمال التهريب عبر الأنفاق إلى غزة وفي سيناء إجمالاً، ومعاقبة كل من يتعاون مع العناصر الإرهابية وغيرها. فهل لدى الرئيس المصري محمد مرسي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحوافز والقدرات المطلوبة للقيام بهذه المهمة؟
· فور وقوع الهجوم حاول مرسي التخلص من صورة السياسي المبتدىء، وتعهد في خطابه أمام الشعب المصري بجعل مرتكبي الهجوم يدفعون ثمناً غالياً، وسارع إلى عقد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، محاولاً أن يثبت أنه رئيس لكل المصريين وليس ممثلاً للإخوان المسلمين. وفي الواقع فقد شكل الهجوم على الحدود فرصة لمرسي كي يثبت سلطته، إذ يوجد إجماع في مصر على ضرورة القيام بعملية في سيناء مهما يكن ثمنها دموياً. وقد شكل مقتل الجنود المصريين في شهر رمضان تجاوزاً للخط الأحمر بالنسبة إلى جميع الأحزاب الكبيرة في مصر، وحتى بالنسبة إلى سكان سيناء من القبائل التي لا علاقة لها بالتنظيمات الجهادية. من هنا ففي استطاعة مرسي استخدام القوة من أجل إعادة سيطرة الدولة المصرية على سيناء.
· بيد أن المشكلة، أنه من أجل تحقيق هذا الهدف سيضطر مرسي إلى إعلان الحرب على عدد من القبائل الكبيرة في شمال سيناء، وعلى عمليات التهريب عبر الأنفاق من قطاع غزة وإليها. فهذه الأنفاق هي مصدر رزق الآلاف في سيناء وفي قطاع غزة، فضلاً عن أنها تساعد عناصرالجهاد العالمي في التنقل بحرية بين القطاع وسيناء من أجل شراء السلاح والاختفاء بسرعة عند الحاجة. وبالنسبة إلى مرسي، عضو الإخوان المسلمين، فإن هذه مسألة حساسة وصعبة.
· تعتبر الأنفاق اليوم مصدر دخل لأغلبية سكان قطاع غزة، كذلك بالنسبة إلى حكومة "حماس". وسيلحق إغلاقها ضرراً فادحاً في مداخيل الحركة وفي قدرتها على التزود بالسلاح، الأمر الذي سيتسبب بضائقة اقتصادية في القطاع، وسيثير الاحتجاج ضد مصر، في وقت بات فيه الإخوان المسلمون، التنظيم الأم لحركة "حماس"، يسيطرون على الحكم فيها.
· حتى الآن لم يعط مرسي الجيش المصري الضوء الأخضر للبدء بالحرب على الأنفاق. وتجري في هذه الأثناء اتصالات مكثفة بين "حماس" ومصر تتعلق بضرورة زيادة الرقابة على هذه الأنفاق، أو تقليص عددها. وقد ذكر موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، أنه يوجد اليوم بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية أكثر من 1200 نفق، وحذر من مغبة إغلاق هذه الأنفاق، معتبراً أن عملاً من هذا النوع هو بمثابة عقوبة جماعية ضد سكان قطاع غزة.