· لو كان الأمر متعلقاً فقط برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، لكان الهجوم العسكري على إيران لكبح برنامجها النووي سيشن في الخريف المقبل، أي قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. ولا شك في أن ثمة أهمية كبيرة لكون أرفع مسؤولين في إسرائيل مصرين على اتخاذ قرار يقضي بشن هجوم كهذا في الخريف المقبل، لكن في المقابل ثمة أهمية لا تقل عن ذلك لحقيقة أنه لا يوجد أي مسؤول رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية بأسرها، سواء في قيادة الجيش أو في قيادة سائر الأجهزة الأمنية، يؤيد شن هجوم كهذا، فضلاً عن حقيقة أن رئيس الدولة شمعون بيرس يعارض شنه.
· ولدى متابعة الجدل في شأن هذا الهجوم، يمكن ملاحظة أن ما يقف في صلب هذا الجدل هو أسئلة من قبيل: ما هي تأثيرات هذا الهجوم في حال شنه في العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة؟ وماذا سيحدث في الجبهة الإسرائيلية الداخلية؟ وهل إسرائيل على استعداد في الوقت الحالي لدفع أثمان هذا الهجوم، سواء من حيث الخسائر البشرية والمادية، أو من حيث سياستها الخارجية؟ كذلك يمكن ملاحظة أن الجانبين يتفقان على أن الأثمان ستكون باهظة جداً.
· وبينما يحرص رئيس الحكومة على أن يتكلم علناً على الخطر النووي الإيراني، فإن وزير الدفاع يدير حملته ضد هذا الخطر من وراء الكواليس، سواء مع كبار المسؤولين الأميركيين بدءاً من الرئيس أوباما، أو مع كبار المسؤولين العسكريين في إسرائيل.
· وقد بينت آخر محادثات في هذا الشأن أجراها وزير الدفاع مع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن الإدارة الأميركية مقتنعة بأن أي هجوم عسكري إسرائيلي على إيران سيكون خطأ، وسيلحق أضراراً فادحة بكل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
· وبطبيعة الحال فإن إدارة أوباما ستمتنع من فرض فيتو على شن هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية في حال حدوثه، وذلك خشية من أن يؤدي ذلك إلى تعرضها للنقد في ذروة حملة انتخابات الرئاسة الأميركية. وقد عرضت هذه الإدارة تقارير على إسرائيل تثبت أن إيران ستكون بحاجة إلى فترة عامين على الأقل لإنتاج أسلحة نووية، وذلك بعد أن يتخذ زعيمها الروحي علي خامنئي قراراً يقضي بإنتاج أسلحة كهذه، وأكدت الإدارة الأميركية أنه في حال حدوث ذلك ستشن الولايات المتحدة هجوماً على إيران لمنعها من أن تتحول إلى دولة نووية. وبناء على ذلك لا يوجد أي مبرر لشن هجوم عليها في هذا الصيف، أو في الخريف المقبل.
· في المقابل لا يقيم باراك أي حساب للتحذيرات من مغبة حدوث مواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة في حال شن هجوم عسكري إسرائيلي على إيران. وهو يؤكد أن الأهداف التي تتبناها إسرائيل والولايات المتحدة متماثلة وأن الخلافات بينهما تكتيكية. ويشدد على أنه لسوء حظ إسرائيل فإن لدى الولايات المتحدة انتخابات رئاسية ولذا ليس من المريح لها أن تشن هجوماً عسكرياً عشية هذه الانتخابات، لكن الجدول الزمني لدى إسرائيل يجب ألا يأخذ في الاعتبار انتخابات الرئاسة الأميركية.
· ويعتقد الأميركيون من ناحيتهم أن هدف نتنياهو وباراك من وراء شن هجوم على إيران هو جرّ واشنطن إلى حرب ضد طهران خلافاً لرغبة الإدارة الأميركية. غير أن باراك ينفي ذلك جملة وتفصيلاً، ويؤكد أن ما تحتاج إليه إسرائيل هو فقط تسليمها مفاتيح مخازن أسلحة الطوارئ الأميركية الموجودة لديها.