· منذ فترة طويلة لم نسمع حملة إنكار شعواء مثل الحملة السورية الأخيرة ضد جولة الوساطة التي قام بها رجل الأعمال الأميركي- السوري د. إبراهيم سليمان. ومن يتعقب طوفان العناوين في الصحف السورية يخرج بانطباع أن الحديث يدور عن مبادرة فردية لشخص غريب الأطوار، أو عن هوس مهاجر سوري تملكته حالة من الملل فاستيقظ ذات صباح وسافر إلى القدس للقاء أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وللإدلاء بتصريحات إعلامية من أجل بيع بضاعة انتهت صلاحيتها.
· تعيد حادثة سليمان إلى الأذهان قضية سابقة. فقبل عامين من الزيارة التاريخية للرئيس المصري أنور السادات إلى القدس، هبطت عندنا سناء حسن، وهي صحافية مصرية هاجرت إلى الولايات المتحدة، وأمطرتنا بوابل من التصريحات السلمية. وخلال زيارتها تلقت إنذاراً حاداً بألا تحاول العودة إلى مصر لأنها ستعتقل فوراً. وكما في القاهرة، هكذا في دمشق، فضلوا إطلاق الرصاص على سنونو السلام. وكانت الرسالة واضحة: إذا كنتم تريدون مفاوضات منظمة، فإن ذلك يتم من خلال وساطة أميركية فقط.
بعد إطلاق النار على مبادرة المبعوث تفرغ الرئيس بشار الأسد لتهدئة العاصفة، فأعلن أن هناك مبعوثين ووسطاء يأتون إليه كل أسبوع لجس النبض. وسورية، بحسب بشار، تواصل السعي من أجل السلام. الطاولة جاهزة والإسرائيليون مدعوون إليها والثمن معروف سلفاً. ويمكن التقدير أن السوريين سيطلقون بالونات الاختبار مرة أخرى، لكن فقط بعد أن توافق إسرائيل على الانسحاب من هضبة الجولان.