الثمن الباهظ لقرار بيرس الوقوف ضد الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أكثر من مرة خلال السنوات ما بين 2010 و2012 كانت إسرائيل على وشك الهجوم على إيران. فقد اعتقد بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وأفيغدور ليبرمان أن عليهم كبح المشروع النووي الإيراني لأن العالم لن يفعل ذلك. ولهذا السبب أعدوا الخيار العسكري الإسرائيلي، ودرسوه بجدية وكادوا يقومون بتنفيذه. لكن كان هناك ثلاثة وزراء كبار (موشيه يعلون، دان مريدور، وبني بيغن)، وثلاث شخصيات أمنية رفيعة (غابي أشكينازي، مئير داغان، ويوفال ديسكين) وقفوا ضدهم. بيد أن الذي قاد المعارضة للخيار العسكري كان شمعون بيرس. فقد نشط رئيس الدولة داخل إسرائيل وفي العالم لمنع مهاجمة إيران ونجح في ذلك. ومرة أخرى نجح رجل ديمونا [الذي أدى دوراً بالغ الأهمية في إنشاء المفاعل النووي فيها]، وهو في أواخر الثمانينيات من عمره، في تغيير مسار التاريخ إذ منع الهجوم على إيران وحال دون وقوع حرب ونشوب أزمة وطنية خطيرة.
- لكن من الواضح اليوم أن النصر الكبير الذي حققه رئيس الدولة على رئيس الحكومة ووزيري الخارجية والدفاع له ثمن باهظ، فبعد مرور سنة على استبعاد الخيار العسكري الإسرائيلي من النقاش الدولي، أصبح لدى إيران 19 ألف جهاز طرد مركزي تسمح لها بالتقدم نحو السلاح النووي خلال وقت قصير، وتحولت إيران إلى قوة عظمى إقليمية شرعية. وفي الوقت الذي يتودد الغرب إليها ويصدق أكاذيبها، تكاد إيران تصبح على عتبة دولة نووية.
- قد يكون شمعون بيرس نجح في توجيه ضربة إلى بنيامين نتنياهو، لكن الراهن اليوم أنه لم ينجح في توجيه ضربة إلى علي خامنئي. فالسياسي القدير الذي نجح في منع القصف الإسرائيلي، لم ينجح في كبح القنبلة الإيرانية.
- ليس هناك أدنى شك بشأن ماذا كان يمكن أن يحدث لإسرائيل والعالم لو كان نتنياهو وباراك وليبرمان ربحوا النقاش المهم بشأن إيران. فالثلاثة كانوا سيطالبون بتقديم جردة حساب شاملة عن الانعكاسات القاسية لقرارهم مثل وقوع طيارين في الأسر، وسقوط صواريخ على المدن الإسرائيلية، ووقوع قتلى مدنيين، وصواريخ تحرق تل أبيب. لكن نظراً إلى كون بيرس هو الذي ربح النقاش بشأن إيران، فالمطلوب منه هو الآن أن يقدم جردة حساب للانعكاسات المنتظرة لهذا النجاح: إيران نووية، شرق أوسط نووي، وواقع جديد مرعب.
- ومثلما أن هناك ثمناً للعملية العسكرية، هناك ثمن لعدم القيام بها.
- إن كاتب هذه السطور يكن تقديراً كبيراً لرئيس الدولة. فسيرة حياة بيرس هي تقريباً سيرة حياتنا، وإنجازاته هي التي سمحت لنا بهذه الحياة. وليس هناك إسرائيلي يمثل في العالم الوجه الحضاري لإسرائيل مثل شمعون بيرس. ولهذا السبب، فإن المسؤولية الملقاة على عاتق المواطن الأول في إسرائيل كبيرة. ويتعين عليه أن يثبت أنه لم يكن على خطأ عندما قال إن الولايات المتحدة ستكبح الإيرانيين، وعندما تعهد بأن المجتمع الدولي لن يتخلى عن إسرائيل، وأن الطريق التي قادنا نحوها لن تؤدي إلى الهاوية.
- إن رئيس الدولة بات في التسعين من عمره، لكنه لا يزال في قوته الكاملة، لذا يتعين عليه اليوم أن يفعل كل ما في وسعه وأن يدق جميع الأبواب من أجل إيقاظ الأميركيين، كما عليه أن يستغل مكانته الدولية من أجل إحداث تحول حاد في سياسة المجتمع الدولي والتأكد من أن التعهدات التي حصل عليها شخصياً من الرئيس أوباما ستنفذ. إن القدرات الهائلة التي أظهرها في باريس خلال الخمسينيات [أي اقناع الفرنسيين ببناء مفاعل ديمونا النووي] يجب أن يستخدمها في العواصم الغربية سنة 2013.