"حماس" تعاني أزمة غير مسبوقة سببها تخلي إيران عنها وتضييق مصر عليها
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- العذر الذي قدمته طهران لعدم استقبال خالد مشعل كان واضحاً وصريحاً وجاء فيه: "نحن مشغولون الآن بالموضوع السوري وببناء علاقاتنا الدولية، لذا من الأفضل تأجيل الزيارة إلى موعد آخر". بالاستناد إلى أحمد يوسف المستشار السابق لإسماعيل هنية، هذا هو الجواب الذي حصل عليه وفد "حماس" إلى طهران عندما قدم للمسؤولين الإيرانيين طلب مشعل زيارة إيران من أجل التوفيق بين الطرفين.
- وفي الواقع، فإن غضب إيران من "حماس" بسبب انتقاداتها للنظام السوري ليس جديداً، والقطيعة بينها وبين الحركة كاملة تقريباً. لكن ثمة اعتبار جديد أضيف هو أن إيران تحت حكم روحاني تفضل الدخول إلى الشرق الأوسط من الباب الرئيسي، وليس من طريق التنظيمات التي تعتبر عدوة لـ"التيار المركزي". وهنا تحديداً تكمن مشكلة "حماس".
- تأتي هذه الضربة الإيرانية بعد "الحكم بالموت" الذي أصدرته مصر بحق "حماس" استناداً إلى كلام أحد المسؤولين الكبار في الحركة. في هذه الأثناء يرفض الأردن السماح لـ"حماس" بفتح فرع لها، أما قطر فهي لا تزال تدفع القليل من المال للحركة متعهدة بمبالغ أكبر. لكن في الوقت الذي يفتح فيه معبر رفح ويغلق بصورة غير منتظمة (المعبر مغلق منذ ثلاثة أيام)، وتضع إسرائيل العراقيل أمام انتقال مواد البناء، تصبح المساعدة القطرية عملياً أقل أهمية.
- إلى جانب الأزمة الحادة التي تعانيها "حماس" مع الدول العربية، هناك التهديد الداخلي المتمثل بحركة "تمرد غزة" التي أخذت اسمها من حركة الشباب المصري التي كانت وراء الانقلاب في تموز/يوليو هذه السنة. وتقوم "تمرد غزة" بالإعداد لتظاهرات احتجاج كبيرة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر في الذكرى السنوية لوفاة ياسر عرفات. ومنذ الآن تقترح على سكان غزة من خلال صفحتها على الفايسبوك التزود بالمواد الغذائية لسبعة أيام بدءاً من 11 تشرين الثاني/نوفمبر، وملازمة منازلهم خوفاً من التعرض لهجمات من جانب القوات المسلحة التابعة لـ"حماس".
- وكانت الناطقة باسم الحركة هند العربي صرحت لقناة "دريم" المصرية أن الهدف هو إسقاط سلطة "حماس" بسبب أساليبها القمعية، ولأنها "تحولت إلى الذراع المدافع عن إسرائيل". وبرزت في شوارع غزة رسوم غرافيتي على الجدران تطالب بإسقاط "حماس"، في حين تتحدث التقارير في صحف الضفة عن شكوى المواطنين في غزة من الفشل في الإدارة وغياب الأمن الشخصي.
- وفي الواقع، فإن الأزمة السياسية التي تعانيها "حماس" ليست منفصلة عن الأزمة التي يعاني منها القطاع الاقتصادي، فمنذ سقوط حكم الإخوان في مصر، يشدد الجيش المصري إجراءته بحيث أصبحت تهدد سير عمل الحكم في غزة. فقد ذكر حاتم عويده المدير العام لوزارة الاقتصاد في حكومة "حماس" أن غزة خسرت نحو 230 مليون دولار في آذار/مارس بسبب إغلاق الأنفاق وتجميد التجارة مع مصر. واستناداً إلى كلامه، فإن نصف اقتصاد غزة يعتمد على الأنفاق، وهو غير قادر على توفير فرص عمل جديدة، ولا تتوفر موارد مالية لدفع رواتب أكثر من 14 ألف موظف. وبلغت البطالة ذروتها ووصلت إلى نحو 43%، بينما التصدير نسبته 9% فقط من الإنتاج. وأضيف إلى هذا كله إعلان وكالة غوث اللاجئين اضطرارها إلى تقليص مساعداتها لعشرات آلاف اللاجئين. ويزداد الكلام في غزة عن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية، والنقص في مواد البناء، والصعوبات الكبيرة التي يواجهها آلاف السكان فيما يتعلق بالخروج من القطاع بسبب إغلاق معبر رفح.
- يمكن أن تكون إسرائيل راضية عن الضغط الذي يمارس على "حماس" سواء من الخارج أو من داخل القطاع، ولا سيما أن الجزء الأساسي من سياستها تجاه القطاع يجري تنفيذه من خلال مصر التي دمرت الأنفاق وأغلقت المعبر. كما أن القطيعة بين "حماس" وإيران تتماشى مع رغبة القدس. لكن يرافق هذا الإحساس بالرضى خطر دائم، إذ عندما تكون "حماس" في ضائقة حادة بهذا القدر، وعندما لا تكون غزة على جدول الأعمال السياسي العربي، فإن ذلك قد يدفع "حماس" إلى محاولة جذب الأنظار إليها من خلال خرق وقف إطلاق النار وإطلاق الصواريخ لجر إسرائيل إلى الرد التلقائي عليها. وبذلك تستطيع إلحاق الضرر بالعملية السياسية، وفرض قواعد جديدة لوقف إطلاق النار وإجبار مصر على تغيير سياستها.
لا ينبغي لإسرائيل إجراء محادثات مع "حماس"، لكن هذه الظروف قد تشكل فرصة لمحمود عباس من أجل المصالحة مع "حماس" بالشروط التي تلائمه ووضع الأسس لعملية سلام تتضمن اتفاقاً معها.