لماذا يجب على إسرائيل دعم الثوار السوريين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لا يزال موقف إسرائيل حيال الحرب الأهلية الدامية في سورية مضطرباً.  وفي الوقت الذي نرى فيه بعض المسؤولين الكبار في الحكومة والجيش يهددون سورية بالقيام بعمليات انتقامية عسكرية قاسية في حال واصلت إطلاق نيرانها من أسلحة خفيفة ضد أهداف في الجولان، نرى البعض الآخر ومن بينهم، كما يبدو، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يلمحون ويسربون بأن علينا أن نتمنى انتصار بشار الأسد لأن "الشيطان الذي تعرفه" والذي ما يزال يسيطر على الجيش ومخازن السلاح الكيميائي، هو شخص براغماتي في علاقته بإسرائيل، ومقبول كشريك في التسوية السياسية. وفي تقدير هؤلاء، فإن البديل عن الأسد  هم المسلمون الراديكاليون مثل أنصار القاعدة الذين هم من ألد أعداء إسرائيل ويشكلون خطراً كبيراً عليها.

·       وهنالك أيضاً مسؤولون كبار يفضلون أن تستمر الحرب الأهلية ويستمر القتل المتبادل وأن تنقسم سورية إلى مناطق طائفية ذات استقلال ذاتي، واحدة تابعة للعلويين وأخرى للدروز وثالثة للأكراد. وفي رأيهم، يتعين على إسرائيل ألا تتدخل في هذه الحرب، وأن تتمنى فناء سورية أو تقسيمها.

·       من الصعب توقع ما ستسفر عنه التطورات في سورية، لكن من الممكن التأثير فيها انطلاقاً من الحرص على المصالح الاستراتيجية والإقليمية والدولية لإسرائيل، ومن شعورنا بالمأساة الإنسانية الجارية بالقرب من حدودنا الشمالية. والسؤال المطروح : كيف يمكن للدولة اليهودية أن تتفرج على الأسد الذي يواصل ذبح شعبه (نحو 80,000 إلى 90,000 قتيل حتى الآن)؟

·       على الصعيد الإقليمي يعتبر نظام الأسد حلقة مهمة في محور الشر الراديكالي الشيعي الذي تتزعمه إيران (بمشاركة حزب الله)، وهذا هو العدو الأكثر خطراً بالنسبة لنا، وأيضاً بالنسبة لدول إسلامية سنية مثل تركيا، والسعودية، والأردن، وبعض دول الخليج. لذا يتعين على إسرائيل، مثل  تلك الدول،  إعلان تأييدها لـ"الجيش السوري الحر"، وللقيادة المدنية للتيار الأساسي للثوار من المسلمين والعلمانيين والمتدينين (بمن فيهم الإخوان المسلمون)، والذين يمكن إجراء مفاوضات معهم  بعد وصولهم إلى السلطة. وبهذه الطريقة ترسل إسرائيل رسالة إلى الثوار السَنة وإلى الدول السّنية، بأنها تريد الانضمام إلى الحلف الإقليمي الذي يعمل لإسقاط الأسد وإضعاف حزب الله وإيران.

·       لكن من أجل الدخول في هذا الحلف يتعين على إسرائيل القبول بمبادئ المبادرة العربية العائدة لمؤتمر القمة الذي انعقد في بيروت سنة 2002،  والتي أعيدت صياغتها في الفترة الأخيرة بشكل أكثر اعتدالاً وتحظى بتأييد أغلبية الدول السّنية. ومما لاشك فيه أن هذه الخطوة من شأنها أن تساعد في انضمام إسرائيل إلى المنظومة الاستراتيجية الإقليمية الجديدة برعاية الولايات المتحدة.

·       وفي الواقع، فإن الجيش السوري الحر ليس مبلوراً وقوياً بما فيه الكفاية، والزعامة المدنية للثوار ما زالت منقسمة على نفسها، ويوجد بين الثوار مقاتلون تابعون للقاعدة إلى جانب مجموعات سلفية متطرفة أخرى. لكن على الرغم من الدوافع الإيديولوجية الراديكالية لهذه المجموعات، فإن عددها لا يتجاوز بضعة آلاف من المقاتلين أغلبيتهم من غير السوريين، وهم لا يمثلون التيار الأساسي للسكان المسلمين السّنة في سورية.

·       ويمكن من خلال الجهد المشترك والمنظم بين تركيا والسعودية وقطر والأردن، والمساعدة الكثيفة من الولايات المتحدة والناتو، تقوية الجيش السوري الحر وبلورته (يبلغ عدد مقاتلي هذا الجيش اليوم نحو 50 ألف مقاتل)، وإقامة منطقة عازلة واسعة بالقرب من الحدود الشمالية في سورية، ومنع نشاط سلاح الجو السوري في هذه المنطقة. ومن الواضح أن إيران وروسيا ستعارضان مثل هذه الخطوات العربية – الغربية ، وستواصلان دعمهما لنظام الأسد وكبح نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. وما يمكن قوله هو  أن المؤتمر الدولي (الذي كان من المفترض أن ينعقد في مطلع هذا الشهر)، لن يحل المشكلة في سورية بل سيطيل أيام الأسد في السلطة.

 

·       ومثلما فعلت موسكو، يتعين على الناتو وعلى الولايات المتحدة اتخاذ خطوات عسكرية للحؤول دون مقتل  مدنيين، ومن أجل قطع التحالف  القائم بين الأسد وإيران، ومساعدة ممثلي الأغلبية الإسلامية – السّنية (70%) في الوصول إلى السلطة في دمشق. ليس المطلوب من إسرائيل التدخل بصورة مباشرة عسكرياً، لكن باستطاعتها أن تساعد سراً من خلال معلوماتها الاستخباراتية الدقيقة بشأن المنظومة العسكرية للأسد، وكذلك من خلال توسيع نطاق المساعدة الانسانية التي تقدمها للنازحين السوريين وللمصابين. كما يتعين على إسرائيل أن تستغل علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة من أجل تقديم الحماية العسكرية والاستراتيجية للثوار.