مصر ـ سيناء ـ غزة: المثلث الخطر على إسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي
–
مباط عال
معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
- في الأسبوع الماضي وقع هجوم جديد على محطة الغاز في منطقة العريش شمال سيناء هو الخامس من نوعه خلال نصف السنة الأخيرة. وقد ألحق الانفجار أضراراً جسيمة في أنبوب الغاز وأكبر من تلك التي تسبب بها الهجوم الذي وقع قبل أسبوع.
- وعلى الرغم من عدم إعلان أي تنظيم عن مسؤوليته عن هذه الهجمات التي جرت كلها بصورة متشابهة، فقد وجهت الجهات الأمنية المصرية أصبع الاتهام إلى التنظيمات الإرهابية في قطاع غزة مثل تنظيم التوحيد والجهاد، وجيش الإسلام. لكن حتى اليوم من غير الواضح ما إذا كان وراء هذه الهجمات مجموعات سلفية فلسطينية من غزة، أو أطراف من المعارضة المصرية.
- ويشير اختيار أهداف هذه الهجمات وتوقيتها والنجاح في تنفيذها، إلى أن منفذيها استغلوا الفراغ الحاصل في السلطة في مصر بعد تنحي مبارك، وضعف قوات الأمن المصرية التي تركز جهدها على المدن الكبرى المصرية. ومن الواضح أن اختيار هدف الهجمات يعود إلى الدور المهم والحيوي الذي يلعبه الغاز المصري في العلاقات الثنائية الاقتصادية بين مصر وإسرائيل
- إن هذه الهجمات و تزايد تهريب السلاح المتطور من سيناء إلى قطاع غزة، يجعلان من سيناء تحدياً أمنياً ومصدراً للقلق بالنسبة لإسرائيل، بسبب الانعكاسات الاستراتيجية الناتجة من ضعف السيطرة المصرية على شبه جزيرة سيناء.
- ويمكن أن نضيف إلى ذلك تعرض اتفاقات الغاز الخاصة التي وقعت بين مصر وإسرائيل لانتقادات قاسية في وسائل الاعلام المصرية التي تحدثت عن احالة وزير النفط السابق المسؤول عن هذه الاتفاقات للمحاكمة بتهمة "تضييع أموال تعود للشعب" تقدر بنحو 714 مليون دولار، ومطالبة السلطة الحالية بإعادة درس اتفاقات تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بهدف زيادة أرباح الدولة.
- وقد أعلن وزير المال المصري في مطلع هذا الشهر نيته رفع سعر الغاز المصدر إلى إسرائيل إلى نحو 2,5 مليار دولار. وتوقع مسؤول مصري أن تستمر الهجمات على أنبوب الغاز في حال لم يتقوف العمل بالاتفاقات الحالية للغاز. ومن المهم أن نشير إلى أنه بغض النظر عن التغييرات التي قد تطرأ على سعر الغاز المصري، فإن الضرر المباشر للهجمات الأخيرة على أنابيب الغاز بدأت تشعر به إسرائيل، فقد توقع وزير البنى التحتية عوزي لانداو أن ترتفع تعرفة الكهرباء في إسرائيل نحو 20%، نتيجة الأعطال في التزود بالغاز واستخدام الوقود المرتفع الثمن في إنتاج الكهرباء مثل المازوت والسولار، وأعلنت شركة الكهرباء أن هذه التغييرات ستكلف الاقتصاد الإسرائيلي مبلغ 3,5 مليار شيكل.
- وإلى جانب الخسائر الاقتصادية، فإن الهجمات في سيناء تنطوي على مخاطر أمنية جديدة بالنسبة لإسرائيل. فقد تتحول سيناء إلى أرض مباحة أمنياً تستطيع التنظيمات الإرهابية التحرك فيها بحرية. وقد عبر رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء كوخافي عن ذلك عندما قال إن قوات الأمن المصرية تفقد السيطرة على منطقة سيناء، وأعرب عن قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إزاء الارتفاع الحاد في عدد التقارير المتعلقة بالعميات الإرهابية في سيناء التي تتحدث عن استغلال التنظيمات الإرهابية لحال الفوضى في سيناء من أجل تهريب كميات كبيرة من السلاح إلى قطاع غزة، وعن وقف مصر العمل في بناء العوائق لمنع التهريب على طريق فيلادلفي، خلافاً للاتفاق بينها وبين إسرائيل. كما تحدثت التقارير الإسرائيلية عن استغلال البدو في سيناء الخروق في معبر رفح وغياب قوات الأمن المصرية في أنحاء سيناء من أجل تهريب صواريخ إلى قطاع غزة، وتشير هذه التقارير إلى أن عدد هذه الصواريخ الموجودة في القطاع ارتفع من 5000 صاروخ في نهاية 2010 إلى 10 آلاف صاروخ اليوم.
- تظهر هذه التطورات مدى أهمية الحاجة إلى اعادة درس معمقة للوضع من جانب الأطراف السياسية والأمنية في إسرائيل، وذلك في ظل التحول الاستراتيجي في العلاقة مع مصر، الأمر الذي يتطلب اجراء تقويمات عسكرية وأمنية جديدة للوضع على الجبهة الجنوبية التي كانت هادئة منذ أكثر من 30 عاماً. ويجب أن نستعد لأن تشهد المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل وغزة مزيداً من العمليات الإرهابية ضد أهداف إسرائيلية.