· عندما عُين إيهود باراك رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي [1991-1995]، التقيته في حديث غير معدّ للنشر، وقد قال لي يومها أنه لا يتوقع نشوب حرب خلال فترة توليه منصبه، ولذلك فإنه ينوي تخفيض مستوى جهوزية الجيش الإسرائيلي لخوض مواجهة شاملة، وسيسلّح الجيش بسلاح دقيق يتلاءم مع ساحة القتال المستقبلية. وعندما سألته: وماذا سيحدث إذا، بعكس توقعاتك، نشبت الحرب؟ أجابني باراك: حينها سيكون النصر أصعب ومؤلماً أكثر.
· هناك عدد من رؤساء أركان الجيش اضطروا إلى القبول بتقليص ميزانيتهم، وبينهم موشيه يعلون. وعندما اتضح أن حرب لبنان الثانية [حرب تموز/ يوليو 2006] كانت فشلاً يلامس الهزيمة، حاولت الحكومة، ومن دون حق، تحميل موشيه يعلون المسؤولية مع أنه كان يومها خارج السلك العسكري. وفي الواقع، فقد ترك يعلون وراءه أفضل جيش ممكن التوصل إليه بالميزانية التي كانت متوفرة له. ولم يدرك إيهود أولمرت وعمير بيرتس في سنة 2006 أن الجيش الإسرائيلي بوضعه الحالي [بعد التقليصات التي جرت] غير قادر على أن تقوم قواته المدرعة بعبور وادي السلوقي [إشارة الى المواجهة التي دارت خلال حرب 2006 بين مقاتلي حزب الله والمدرعات الإسرائيلية، والتي أسفرت يومها عن تدمير عدد من المدرعات، ومقتل نحو 12 جندياً إسرائيلياً].
· من المفيد أن نتذكر هذا كله اليوم. فقد قررت الحكومة تخفيض مستوى أمن مواطنيها، ومن حقها أن تفعل ذلك، لكن عليها ألاّ تذرّ الرماد في العيون، إذ كيف يمكن ألاّ يتضرر الأمن القومي بعد هذا الإلغاء الشامل للنشاط العملاني ولتدريبات قوات الاحتياط؟ فإمّا أن هذه التدريبات كانت غير ضرورية (وليس هذا هو الوضع)، وإمّا أن الجيش من دون هذه التدريبات سيخسر من ثقته الذاتية ولن يتمكن من القيام بالمهمة التي ستُطلب منه عندما يحين الوقت.
· من حق الجمهور أن يعرف الحقيقة. ففي هذه المرحلة التي يغلي فيها الشرق الأوسط، ويوشك المشروع النووي أن يتحول إلى واقع ملموس، تلمّح إسرائيل إلى نيتها تخفيض درجة جهوزيتها العسكرية. ولا شك في أن هذا سيضعف الجيش الإسرائيلي، وسيُلحق الأذى بصدقية تهديده بالتدخل في سورية وبمهاجمة إيران.
· يبقى أن نصلي ألاّ تقع الحرب في الفترة التي سيقلَّص خلالها النشاط العملاني للاحتياط وتُخفض التدريبات، وألاّ نضطر إلى تشكيل لجان جديدة مثل لجنة فينوغراد.