لماذا ترفض إسرائيل تزويد سورية صواريخ S-300 الروسية الصنع؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       تذكّر التقارير التي تتحدث عن نية روسيا نشر بطاريات صواريخ أرض ـ جو في سورية بالمعارك التي جرت قبل أكثر من أربعين عاماً بين طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، وبين بطاريات الصواريخ أرض - جو من طراز أس – إي 2، وأس – إي 3، وأس – إي 6، التي نشرها الاتحاد السوفياتي في مصر، والتي شكلت آنذاك خطراً جدياً على طائرات سلاح الجو.

·       فمنذ حرب فييتنام اتضح أن صواريخ أرض - جو الجديدة التي طوّرها الاتحاد السوفياتي تخرق التوازن بين الطائرات الحربية وبين السلاح المضاد للطائرات. وخلال حرب الاستنزاف [التي استمرت من تموز/ يوليو 1967 حتى آب/ أغسطس 1970] أقنع السوفيات أنور السادات بأن في استطاعة مصر تحييد التفوق الجوي الإسرائيلي من خلال نشر صواريخ أرض - جو من إنتاج الاتحاد السوفياتي. وخلال الأشهر الأخيرة من حرب الاستنزاف في سنة 1970، تمكنت بطاريات الصواريخ هذه (التي كان بعضها يقوم بتشغيله طواقم سوفياتيه) من إلحاق الضرر بالتفوق الجوي الإسرائيلي في المناطق التي نُشرت فيها.

·       خلال الأعوام الثلاثة التي أعقبت حرب الاستنزاف وحتى نشوب حرب الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، لم يستخلص الجيش الإسرائيلي الدروس المطلوبة. وعندما خرق المصريون اتفاق وقف النار الموقّع في آب/ أغسطس 1970، وقاموا بنشر بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات على طول قناة السويس، كان يجب أن يكون واضحاً بالنسبة إلى إسرائيل أن سلاح الجو لن يقدر على تقديم المساعدة الجوية المطلوبة للقوات البرية في حال نشوب الحرب. لكن على الرغم من ذلك، فإن الاستراتيجيا الإسرائيلية ارتكزت على تحريك قوات برية صغيرة من الجيش النظامي بمساعدة سلاح الجو، والتصدي لمحاولة المصريين عبور قناة السويس. بيد أن هذه الاستراتيجيا فشلت، ووحده تدخّل قوات الاحتياط نجح في إنقاذ الوضع.

·       بعد مرور ستة أعوام، وخلال حرب لبنان الأولى [سنة 1982]، نجح سلاح الجو في أن يثبت من جديد تفوّق طائراته على بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات، فقد دمّر بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات الروسية الصنع المنصوبة في لبنان في يوم واحد، ومن دون أن يتكبد أي خسائر. وتمكّن التفوق التكنولوجي والتكتيك الذكي من التفوق على الصواريخ المضادة للطائرات. وقد أقلق هذا الأمر النظام السوفياتي الذي قرر توظيف الموارد من أجل تطوير منظومات أرض - جو أكثر تقدماً، ومن أبرزها منظومة S-300، وهي منظومة صواريخ بعيدة المدى ومتقدمة جرى تطويرها أول مرة في أيام الاتحاد السوفياتي، وهي تشكل اليوم جزءاً أساسياً من صادرات السلاح الذي تبيعه روسيا لدول عديدة بينها الصين والجزائر واليونان. وقد تحدثت التقارير في الفترة الأخيرة عن توقيع صفقة لبيع سورية هذه الصواريخ، من دون معرفة تاريخ تنفيذ الصفقة.

·       ليس من الأكيد أن ينجح نشر هذه المنظومة من الصواريخ في سورية في تغيير التوازن بين القوات الجوية وبين المنظومات الصاروخية المضادة للطائرات لمصلحة هذه الأخيرة، لكن من الواضح أن هذه المنظومات سترفع بصورة كبيرة من قدرة سورية الصاروخية المضادة للطائرات، وستعوق عمليات سلاح الجو الإسرائيلي.

 

·       ماذا سيحدث في حال وقوع مواجهة بين سلاح الجو وبين منظومة الصواريخ S-300 في حال جرى نصبها في سورية؟ هذا هو السؤال الذي يشغل إسرائيل وسورية وموسكو أيضاً، إذ إن أي انتصار يمكن أن يحققه سلاح الجو على هذه المنظومة سيلحق الضرر بسمعة هذه المنظومة في سوق بيع السلاح، وسيكون هذا الضرر أكبر من الخسارة المالية التي قد تنشأ جرّاء إلغاء الصفقة مع سورية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن المساهمة التي قد تقدمها هذه الصفقة في تعزيز موقف روسيا في سورية في مواجهة الغرب هي أمر مشكوك فيه في نهاية المطاف. ومن المحتمل أيضاً أن يضطر السوريون إلى الانتظار وقتاً طويلاً قبل تنفيذ صفقة S-300.