· خلال الشهر الماضي احتفل رجب طيب إردوغان بمرور عشرة أعوام على انتخابه رئيساً للحكومة في تركيا. وفي الواقع فقد كانت هذه عشرة أعوام ناجحة استطاع خلالها أن يحقق انجازات كبيرة على مختلف الأصعدة، وبصورة خاصة على صعيد السياسة الداخلية. فلا غرابة أنه تجاه شعور إردوغان بأنه وصل إلى القمة، أن يعتقد عدد كبير من الأتراك بأن إردوغان يريد أن يصبح "سلطاناً" يملك قوة وصلاحيات لا حدود لهما، ويسعى إلى استرجاع أمجاد السلطنة العثمانية، لا أن يكون رئيساً لحكومة مؤتمنة على المحافظة على الإرث العلماني لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة كمال أتاتورك.
· في العقد الأخير استطاع إردوغان أن يؤمن لتركيا استقراراً سياسياً وازدهاراً اقتصادياً لم تشهد مثلهما من قبل، وقد تحول بفضلهما إلى لاعب إقليمي أساسي. لكن نفوذه الأساسي برز داخل تركيا حيث قام بتغيير وجهها بصورة كبيرة، وذلك من خلال إرجاع تركيا بصورة منهجية ومستمرة نحو الإسلام الذي حاول أتاتورك فصلها عنه قبل أكثر من 90 عاماً.
· برز التخلي عن إرث أتاتورك في كل خطوة من خطوات أردوغان، الذي كلما ازدادت قوته كلما ازداد تخليه عن هذا الإرث . لكن يبدو اليوم أن الجمهور التركي قد تعب من ألاعيبه السياسية، وأصبح يشعر بان الوقت حان لوضع حدود لرئيس الحكومة المنتشي بقوته والذي لا يعرف حدوده.
· إن تركيا ليست مصر أو سورية، وعلى الرغم من الانتهاكات المنهجية التي تمارسها حكومة أردوغان ضد حرية التعبير والاحتجاج السياسي، فإن تركيا بلد ديمقراطي مليء بالحيوية، تتغير فيه السلطة عبر صناديق الاقتراع وليس من خلال الانقلابات العسكرية أو التظاهرات الشعبية في الشوراع. وسوف تظهر الأيام ما إذا كان الاحتجاج في تركيا سيُقمع، أم أنه سيشكل بداية نهاية مرحلة حكم أردوغان في تركيا.