تقرير لجنة التحقيق الرسمية بشأن قضية محمد الدرّة مسيء لإسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       تحت عنوان "دولة إسرائيل، وزارة الشؤون الدولية والاستراتيجية"، جرى أمس الأول تقديم تقرير إلى رئيس الحكومة من لجنة التحقيق الرسمية يحمل اسم "النتائج والانعكاسات للتقرير الذي بثته قناة التلفزة الفرنسية فرانس - 2". وما تجدر الإشارة إليه هو أن إسرائيل قتلت نحو 951 ولداً وشاباً فلسطينياً في غزة والضفة الغربية خلال الفترة 2000 - 2008، لكن على الرغم من ذلك، فإنها لم تشكل أي لجنة رسمية للتحقيق في ظروف مقتل هؤلاء، وهي لم تفعل ذلك سوى من أجل التحقيق في مقتل الطفل محمد الدرة [الذي قتله الجنود الإسرائيليون في 30/9/2000، خلال انتفاضة الأقصى].

·       لقد تحوّل محمد الدرة إلى رمز وإلى أيقونة دولية، وإلى دليل على قيام الجيش الإسرائيلي بقتل الأولاد، وذلك بعد أن قامت شبكة التلفزة الفرنسية "فرانس -2" ومراسلها في إسرائيل، شارل أندرلين، بنشر التحقيق المصوّر في الوقت الحقيقي الذي قُتل فيه الولد. ومنذ ذلك الوقت يعكف عدد من الأشخاص في العالم على دراسة الظروف التي جرى فيها تسجيل هذا التحقيق المصور، ويحاولون إثبات أن لا علاقة للجيش الإسرائيلي بما حدث، وأنه لم يكن المسؤول عن مقتل الدرة، وأن لا علاقة لدولة إسرائيل التي شكلت لجنة تحقيق خاصة لذلك بالحادث.

·       والتقرير الذي نُشر مؤخراً لا يقدم دليلاً مقنعاً واحداً يدحض اتهام الجنود الإسرائيليين بمقتل محمد الدرة. فقد توصل التقرير إلى عدم وجود إثباتات تؤكد "إصابة جمال، والد محمد الدرة، والولد نفسه"، ووصل واضعو التقرير إلى هذا الاستنتاج الغامض استناداً إلى مجموعة شهادات ظرفية، بعضها غير جدي على الإطلاق، مثل انطباعات طبيب إسرائيلي من خلال مشاهدة شريط الفيديو. ولم تتوجه اللجنة إلى أندرلين، وتجاهلت العديد من الحقائق مثل أن الأب جمال أُدخل المستشفى في عمّان حيث خضع لعملية من أجل معالجة الجروح التي أصيب بها. صحيح أن التقرير يطرح عدداً من التساؤلات، إلاّ إنه لا يقدم أي توضيح لها.

·       لقد كان من الأفضل عدم تشكيل هذه اللجنة، وكان من الأفضل إبقاء الهوس بقضية الدرة ضمن مجموعة من الأشخاص المستقلين، وعدم تحويل القضية إلى مسألة رسمية، ولا توظيف الموارد فيها. إن نشر التقرير الرسمي لم يساهم في إزالة الغموض الذي يكتنف هذه القضية، وإنما على العكس، أعاد طرح مسألة شديدة الوطأة هي تزايد عدد الأولاد والشباب الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال أعوام الانتفاضة الثانية. فلو أن الحكومة قامت بالتحقيق في هذه المسألة، لكان ثمة مجال للربط بينها وبين قضية الدرة، إلاّ إن التركيز كان في الأساس على الدعاية التي لن تساهم، ولو بشكل بسيط، في تحسين الصورة البشعة لإسرائيل بصفتها مسؤولة عن مقتل عدد كبير من الأولاد الفلسطينيين.