استمرار بقاء نظام الأسد الذي يشكل عنواناً واضحاً في سورية هو مصلحة إسرائيلية عليا
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       تشهد الفترة الأخيرة احتداماً في النقاش بشأن ما إذا كان استمرار بقاء حكم الأسد في سورية أفضل بالنسبة إلى إسرائيل أم سقوطه. وهناك أطراف داخل إسرائيل والغرب ما زالت تلحّ على ضرورة العمل بصورة فاعلة من أجل التعجيل بسقوط النظام في سورية. وفي هذا الوقت لا تزال الحرب الأهلية في سورية مستمرة، وإذا كان الرأي العام الإسرائيلي في البداية متعاطفاً مع الثوار الذين يحاربون نظام بشار الأسد الاستبدادي، فإنه الآن، ومع استمرار الحرب الأهلية، قد ازداد اقتناعه بأن المواجهة الدائرة معقدة جداً، بحيث يبدو من الصعب تحديد مَن هم "الأشرار" ومَن هم "الطيبون".

·       وبين الحجج الأساسية التي تُستخدم للحثّ على إنهاء حكم الأسد، تلك المتعلقة بانتماء هذا النظام إلى محور الشر الراديكالي. وفي الواقع، فإن سورية تُعتبر ركناً مهماً في محور إيران - سورية ـ حزب الله، الذي هدفه مقاومة إسرائيل والغرب. كما تعمل إيران وسورية على تسليح حزب الله بالأسلحة المتطورة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، ومنظومات الدفاع الجوي، وصواريخ بر - بحر المتطورة، وهذه أسلحة من شأنها أن تلحق الضرر بالتوازن الاستراتيجي الهش في المنطقة. وقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة صعبة مع حزب الله، سواء بسبب حدوث تطورات محلية على الجبهة الشمالية لإسرائيل، أو بسبب عملية عسكرية إسرائيلية أو أميركية ضد إيران. ففي مثل هذه المواجهة قد تدخل إسرائيل في مواجهة مع قدرات متطورة ربما تُلحق الضرر بجبهتها الداخلية، وتحدّ من قدرة الجيش الإسرائيلي على التحرك بصورة فاعلة. لذا، في رأي المؤيدين لإسقاط الأسد، فإن سقوط النظام سيقطع محور الشر، وسيُلحق ضرراً بالغاً بالحلف الراديكالي، وسيؤدي إلى "تجفيف مصادر تسليح حزب الله".

·       صحيح أن كل ضربة توجَّه إلى المحور الراديكالي تشكل هدفاً مهماً ومطلوباً، إلاّ إن مثل تلك الخطوة قد ينطوي على مخاطر، الأمر الذي يفرض علينا بالتالي درس البدائل. فالأكيد أن سقوط الأسد سيؤدي إلى فوضى عارمة في سورية، وليس سراًَ وجود قوى بين الثوار تنتمي إلى الجهاد الإسلامي والقاعدة. وقد تتحول سورية ما بعد الأسد إلى دولة منقسمة على نفسها وغير مستقرة، وهو ما سيساعد في تزايد أعداد الأطراف الإسلامية الراديكالية التي ستبدأ بتوجيه نشاطها ضد إسرائيل. وفي إمكاننا أن نجد نموذجاً لذلك عبر ما يحدث في هذه الأيام في شبه جزيرة سيناء، إذ أدى ضعف السلطة المركزية في مصر إلى نمو الإرهاب، وإلى مجيء العناصر الإرهابية الإسلامية إلى سيناء. وما يمكن قوله هو أن تحوّل الحدود الإسرائيلية ـ السورية إلى حدود يسيطر عليها الإرهاب من شأنه أن يشكل خطراً كبيراً جداً على إسرائيل التي قد تجد صعوبة في فرض الهدوء والردع الفاعل في ظل عدم وجود عنوان أساسي.

·       ليس من الواضح كيف ستنتهي الحرب الأهلية في سورية، لكن على إسرائيل ألاّ تضغط في اتجاه إنهائها، لأن بقاء نظام يتمتع بميزات لا نستطيع المجازفة بخسارتها هو ضمانه للمحافظة على نوع معين من الردع. وممّا لا شك فيه أن الأسد يدرك جيداً أن السماح بالنشاط الإرهابي ضد إسرائيل في هضبة الجولان سيجعله يدفع جرّاءه ثمناً مؤلماً، إذ إن سورية الأسد تملك منشآت كثيرة مهمة يمكن ضربها من دون تعريض استقرار النظام السوري لخطر كبير. ومن هنا يمكن القول إن هامش المناورة بالنسبة إلى إسرائيل لا يستهان به. وهذا ما لمّح إليه رئيس الحكومة عندما قال إن إسرائيل ستواصل مهاجمة انتقال السلاح إلى حزب الله.

 

·       إن المحافظة على النسيج الحساس القائم حالياً في سورية حيث يوجد عنوان واضح، هو مصلحة إسرائيلية عليا. وممّا لا شك فيه أن إدخال الإسلام المتشدد إلى سورية من الباب الرئيسي قد يكون خطأ استراتيجياً من الطراز الأول.