قرار نتنياهو إسكان "بيت همكفيلا" في الخليل رداً على مقتل الجندي الإسرائيلي "جباية ثمن" حكومية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- قُتل الرقيب غال كوبي بإطلاق نار أثناء قيامه بمهمة الحراسة على الحاجز الذي يقع بالقرب من كهف همكفيلا [الحرم الإبراهيمي] في ظروف لا تزال قيد الدرس. وكوبي هو الضحية الجديدة للواقع الصعب الناشئ عن الاحتكاكات اليومية العنيفة بين جنود الجيش الإسرائيلي والسكان الفلسطينيين. وقد تحول كهف همكفيلا [الحرم الإبراهيمي] المكان المقدس بالنسبة لليهود والمسلمين [حيث يعتقد أن النبي إبراهيم وابناه إسحق ويعقوب وزوجاتهم دفنوا في الكهف الموجود تحت الحرم] إلى مركز أساسي لأعمال شغب وعمليات قتل.
- إن مدينة الخليل الفلسطينية وكريات أربع والأحياء اليهودية التي أقيمت في قلب المدينة العربية مرتبطة بعلاقات من العداء والحقد والتوتر الكبير، وهذا يتطلب حساسية قصوى وضبطاً للنفس وحكمة لمنع تصاعد الأبخرة السامة التي من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الهدوء النسبي الذي يسود الضفة.
- يمكننا فهم غضب الجمهور ورئيس الحكومة حيال الهجوم المجرم، لكن الرد المتسرع الذي اتخذه رئيس الحكومة على الحادثة عندما أمر بالسماح فوراً بالاستيطان اليهودي في "بيت همكفيلا"، يشير إلى انتفاء الحكمة المطلوبة الآن تحديداً.
- ويمكن القول إن إعلان نتيناهو هذا أشبه بعملية "جباية ثمن" انتقامية بغطاء حكومي أكثر منه سياسة عقلانية.
- من المعروف أن "بيت همكفيلا" موضوع خلاف. وتقوم لجنة مختصة بدراسة ملكيته بعد أن اعترفت الإدارة المدنية قبل عام بوجود شوائب في طريقة شراء المبنى ولم تمنح مالكيه اليهود رخصة إشغال. وهذه الاعتبارات القانونية كافية لكبح إسراع نتنياهو إلى إسكان المبنى الذي يقع في قلب الخليل.
- وما تجدر الإشارة إليه أن الامتناع عن وضع العراقيل على طريق المفاوضات الهشة الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين ذو أهمية سياسية كبرى. إن إسكان "بيت همكفيلا" لن يعيد الرقيب كوبي إلى الحياة، بل سيؤدي إلى هجمات جديدة من شأنها أن تشعل الخليل وتؤدي إلى وقف المفاوضات التي وظفت من أجل معاودتها جهود كبيرة.
- إن حالة الذعر التي سيطرت على نتنياهو وجزء من وزرائه بينهم وزير الدفاع موشيه يعلون، ووزير الاقتصاد نفتالي بينت، من شأنها أن تثير الشكوك بأن هؤلاء كانوا ينتظرون وقوع حادث ما ينقذ الحكومة من مفاوضات سياسية لا ترغب فيها.
- إن التحقيق في الحادثة والعثور على الجناة وإحالتهم على المحاكمة هو مسؤولية القوى الأمنية التي أثبتت قدراتها في الماضي، وتقع عليها اليوم مسؤولية دراسة سبل ضمان الأمن حول همكفيلا، واستخلاص الدروس العملانية من أجل الحؤول دون وقوع هجمات مشابهة، وتقليص هامش الاحتكاكات العنيفة. وما يمكن قوله إن قرار نتنياهو إسكان "بيت همكفيلا" واعتبار ذلك "الرد الصهيوني المناسب" يتناقض مع هذا الهدف.