الخط الأحمر الذي رسمه نتنياهو قبل عام في خطابه أمام الأمم المتحدة لم يعد مهماً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بعد مرور عام على خطاب القنبلة، يعود نتنياهو إلى الأمم المتحدة الأسبوع المقبل لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وفي الواقع، فإن التغييرات التي طرأت في الأشهر الأخيرة على المشروع النووي الإيراني وفوز حسن روحاني في الانتخابات جعلا "الخط الأحمر" الذي رسمه نتنياهو أقل أهمية.
- ركز "الخط الأحمر" على مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. والمعروف أن الجزء الأكبر من عمليات التخصيب تجري في منشأة فوردو تحت الأرض. وكان نتنياهو وضع حداً لعمليات التخصيب بحيث لا تتجاوز 250 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وهدّد بأنه إذا جرى تجاوز هذا الخط فلا مفر من عملية عسكرية.
- في البداية كان "الخط الأحمر" ناجحاً، فقام الإيرانيون بتخفيض وتيرة تخصيب اليورانيوم، وسرعوا من نسبة تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى وقود نووي. واليوم لدى الإيرانيين نحو 170 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب. لكن خلال الأشهر الأخيرة غيّر الإيرانيون استراتيجيتهم وعثروا على طريقة يستطيعون من خلالها الالتفاف على "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو.
- فاليوم يستطيع الإيرانيون من خلال زيادة عدد مراكز الطرد وتركيب آلاف مراكز الطرد المتطورة مضاعفة وتيرة تخصيب اليورانيوم نحو أربعة أضعاف إلى خمسة أضعاف. كما تسمح التكنولوجيا الحديثة لهم بتخطي المرحلة المتوسطة لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% والانتقال إلى تخصيب اليورانيوم بصورة مباشرة من نسبة 3.5% إلى نسبة 90% بحيث يمكن إنتاج سلاح نووي.
- لقد ركز نتنياهو في خطابه العام الماضي وكذلك الدول الكبرى الست في مفاوضاتها مع إيران، على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وإغلاق منشأة فوردو. لكن التطورات التكنولوجية جعلت هاتين المسألتين أقل أهمية. من هنا تلميح الإيرانيين اليوم عن استعدادهم لإبداء مرونة في موضوع تعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وإغلاق منشأة فوردو.
- لكن ليست التكنولوجيا وحدها هي التي أدت إلى طمس "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو، بل السياسة الدولية أيضاً ساهمت في ذلك. فقد شكل فوز روحاني في الانتخابات وحصوله على 51% من أصوات الناخبين مفاجأة بالنسبة للدول الكبرى في الغرب، وكذلك للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي ولرئيس الحكومة نتنياهو.
- ومنذ تولي روحاني منصبه حدثت بعض التغييرات، فقد عين روحاني جواد ظريف وزيراً للخارجية، ونقل مسؤولية المفاوضات مع الدول العظمى إلى وزارة الخارجية التابعة له، ودعا الحرس الثوري إلى عدم التدخل في السياسة، وأطلق عشرات المعتقلين من أنصار المعارضة.
- في المقابل تغيرت لهجة طهران، فالتعليقات التي يكتبها روحاني وظريف على موقع تويتر وتهنئتهم برأس السنة اليهودية وعدم إنكارهم للمحرقة كما فعل محمود أحمدي نجاد، أصبحت تشكل جزءاً من الخطاب الإيراني الجديد. بعدها جاءت سلسلة المقابلات التي أجراها الرئيس الإيراني مع وسائل إعلام دولية، وتصريحاته التصالحية بشأن استعداد إيران لإبداء مرونة وحل الأزمة المتعلقة بالمشروع النووي.
- يدرك نتنياهو أن خطه "الأحمر" آخذ في الاضمحلال، وهو يتخوف من صفقة بين إيران والدول العظمى لا يستطيع منعها أو التأثير في بنودها. وتتحدث أوساط نتنياهو أن صفقة غير جيدة بين إيران والغرب ستكون أسوأ بالنسبة إلى إسرائيل من عدم التوصل إلى أي صفقة. واللقاء الذي سيجري بين نتنياهو والرئيس أوباما يوم الاثنين المقبل سيبحث في هذا الموضوع.
- إن رد نتنياهو على ما يجري في هذه المرحلة لا يتسم بالحكمة، ويمتاز بتصلب المواقف وطرح مطالب تعجيزية وغير واقعية. ومن المنتظر أن يحل محل "خطاب القنبلة" للسنة الماضية خطاب "الشروط الأربعة" لهذه السنة، فسوف يطالب نتنياهو بوقف تخصيب اليورانيوم على مختلف أنواعه، وإغلاق منشأة فوردو، وتفكيك أجهزة الطرد المتطورة التي ركبت في منشأة التخصيب في نتانز، وإخراج اليورانيوم المخصب كله من إيران حتى ذلك المخصب بنسبة منخفضة. كما سيطالب نتنياهو الإيرانيين بإغلاق مفاعل المياه الثقيلة في أراك حيث تدور شكوك بأن الإيرانيين يطورون طريقة لإنتاج سلاح نووي من خلال استخدام البلوتونيوم.
- ويجد نتنياهو صعوبة في مواجهة الهجمة الإعلامية للرئيس الإيراني، ويتعامل مع الأصوات الجديدة التي تصل من إيران بازدراء وسلبية مدعياً أن الأمر عملية خداع كبرى.
- يعترف بعض كبار المسؤولين على صلة بالقضية بأن نتنياهو بالغ في تصريحاته وحول نفسه وإسرائيل إلى معرقل [للتفاهم] في نظر المجتمع الدولي. وفي رأي مصدر إسرائيلي رفيع أن "رسائل نتنياهو على هذا الصعيد لا تتسم بالحكمة وتثير معارضة ولا تقنع أحداً، ومن شأن هذا التوجه أن يلحق الضرر بقدرة إسرائيل على التأثير في مواقف الدول العظمى في المفاوضات مع إيران".