على إسرائيل بدء التفكير بالتخلي عن سياسة الغموض النووي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • حققت إسرائيل الأسبوع الماضي نجاحاً في الحرب التي تخوضها دفاعاً عن سياسة الغموض النووي. فقد رُفض اقتراح القرار الذي قدمته الدول العربية في الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة النووية بأغلبية 51 دولة صوتت ضده، مقابل 43 دولة صوتت معه. ويدعو الاقتراح إسرائيل إلى إخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية والانضمام إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
  • ويبدو أن التصويت في الوكالة الدولية للطاقة النووية دليل واضح على تفهم السياسة الإسرائيلية. وهكذا نحن ما زلنا نتمسك بالغموض [النووي] ولم ننضم إلى معاهدة حظر السلاح النووي (هناك أربع دول ليست منضمة اليها)، ونحظى بصمت العالم وقبوله.
  • لكن على الذين في القدس أن يدركوا أن هذا وهم خطر، فنجاح التصويت في فيينا تحقق بسبب الضغط الذي مارسته الإدارة الأميركية على دول كثيرة. ومع كل الاحترام للمكالمات الهاتفية التي أجراها بنيامين نتنياهو مع زعماء الدول، فإن الذي حسم الموضوع هو المحادثات التي أجرتها الإدارة في واشنطن.
  • يستند الموقف الإسرائيلي إلى حجتين أساسيتين: أن صدور قرار عن الوكالة الدولية الطاقة النووية ضد إسرائيل من شأنه أن يلحق الضرر في حظوظ نشوء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل؛ كما من شأنه أن يؤذي حظوظ نجاح المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين. لكن على نتنياهو أن يتخوف من أن تغير الإدارة الأميركية موقفها بشأن الموضوع النووي في حال لم تكن إسرائيل على مستوى التوقعات في هذين الموضوعين.
  • قبل ثلاثة أعوام دعمت الولايات المتحدة تشكيل لجنة للبحث في تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي. وكان الموعد الذي حُدد لانعقاد المؤتمر الذي سيعلن ذلك، نهاية السنة المنصرمة في هلسنكي. بيد أن إسرائيل أعلنت عدم مشاركتها في المؤتمر. ويحاول الأميركيون اليوم إحياء الموضوع، وأي موقف إسرائيلي سلبي من شأنه أن يدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في دعمها لسياسة إسرائيل النووية. كذلك، فإن فشلاً تتحمل مسؤوليته إسرائيل للمحادثات مع الفلسطينيين قد يؤثر في موقف باراك أوباما من الموضوع النووي. وليس من المستبعد أنه في إطار المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، أن تقوم الإدارة الأميركية بربط التنازلات الإيرانية بتغييرات في سياسة الغموض الإسرائيلي.
  • بيد أن الولايات المتحدة ليست اللاعب الوحيد في الملعب النووي، فإلى جانب الضغوط الدائمة التي تمارسها الدول العربية بقيادة مصر في الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة النووية، انضم الرئيس الروسي إلى اللعبة. فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "تفوق إسرائيل التكنولوجي يجعلها غير مضطرة إلى الاحتفاظ بسلاح نووي من شأنه أن يجعل منها هدفاً. والسلاح الكيميائي السوري رد على السلاح النووي الإسرائيلي". وشدد على أن إسرائيل ستضطر في النهاية إلى الموافقة على نزع سلاحها النووي كما تنازلت سورية عن سلاحها الكيميائي.
  • يتعين على نتنياهو ومستشاريه في الموضوع النووي أن يدركوا أن لعب إسرائيل على عامل الوقت ولى، ولم يعد في الإمكان التمسك بسياسة الغموض إلى الأبد. وسوف يأتي وقت ستطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تغيير سياستها هذه. لذا، فمن الأفضل المبادرة إلى سياسة جديدة وعدم الاكتفاء بعمليات الكبح. ويجب على إسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن التخلي عن الغموض.
  • من الطبيعي ألا تكون إسرائيل مستعدة للتخلي عن المكاسب النووية التي تنسبها إليها المراجع الأجنبية، لذا يجب الإسراع والمبادرة قبل أن تمارس علينا الضغوط المنتظرة.
  • وتظهر أحاديث مع مقربين من الإدارة الأميركية وما ينشر علناً، أن واشنطن مستعدة لأن تبحث مع إسرائيل في التخلي عن سياسة الغموض.