النجاحات التي حققتها اتفاقات أوسلو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • في الاجتماع الذي جرى بيني وبين تيري لارسن مدير معهد الأبحاث النروجي في 29 نيسان/أبريل 1992 وصادف ذروة المعركة الانتخابية في إسرائيل، لم يحدث شيء يمكن أن ينبئ بما سيحدث لاحقاً. فخلال الاجتماع عرض المعهد النروجي خدماته لإجراء لقاء بيني وبين فيصل الحسيني الزعيم الفلسطيني الكبير من القدس الشرقية، من أجل حل المشكلات التي لم يجر حلها في المحادثات التي جرت بين الوفد الإسرائيلي والوفد الأردني- الفلسطيني الرسمي في واشنطن. هكذا بدأت العملية التي أدت إلى قيام السلطة الفلسطينية في المناطق وإلى توقيع اتفاق تاريخي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى المصافحة بين يتسحاق رابين وياسر عرفات.
  • لقد كانت الخطوة المهمة التي تلت ذلك زيارة وزير الخارجية النروجي يان أغلند برفقة لارسن إلى إسرائيل في أيلول/سبتمبر 1992، بعد شهرين من تعييني نائباً لوزير الخارجية. يومها أجرينا اجتماعاً سرياً اتفقنا فيه على مبادئ للبدء بقناة حوار سرية. في الرابع من كانون الأول/ديسمبر وأثناء وجودنا كلنا في لندن، اتفقنا على أن يكون محاورنا في أوسلو عضو منظمة التحرير في تونس أحمد قريع (أبو علاء)، وهكذا بدأت المحادثات في أوسلو بمشاركة د. رون بونديك ود. يائير هيرشفيلد.
  • لقد كانت هذه خطوة استثنائية جداً لأنني كنت غير قادر على إخبار وزير الخارجية آنذاك شمعون بيرس بها، فقد كنت أدرك أنه سيشعر بأن من واجبه إعلام رئيس الحكومة يتسحاق رابين، وكنت أعرف أن رابين سيرفض الدخول في أي مفاوضات ثنائية وأنه لا يقبل سوى بالمفاوضات المتعددة الأطراف، وكنت متأكداً أنه سيطلب مني وقف المحادثات السرية مع منظمة التحرير.
  • وفقط عندما تأكدت بأن لدينا محاوراً فلسطينياً وبعد اتفاق الطرفين على المسودة الأولى، شعرت بأنني قادر على إخبار وزير الخارجية الذي أبلغ رئيس الحكومة فوراً. وفوجئت عندما قال لي بيرس إن رابين أعطى الضوء الأخضر لمواصلة المحادثات.
  • ومن أهم اللحظات الحرجة التي حدثت بعد بضعة أشهر، موافقة الفلسطينيين على الاستجابة للمطالب السبعة التي قدمتها إسرائيل مقابل اعترافها بمنظمة التحرير. ومنذ تلك اللحظة تحولت المحادثات التي كان هدفها في الأساس حل المشكلات التي لم تحل في مفاوضات واشنطن، إلى الطريق المفضي إلى المفاوضات السياسية والتوقيع على الاتفاق بين شمعون بيرس ومحمود عباس بحضور عرفات ورابين.
  • لقد بقي الاعتراف المتبادل صامداً، ومنذ ذلك الحين أصبح لإسرائيل عنوان فلسطيني واضح. وهذا هو التغيير الأساسي الذي أحدثه اتفاق أوسلو، إلى جانب أن الاتفاق دفع الأردن إلى الموافقة على عملية منفردة وسريعة للتوصل إلى اتفاق سلام، كما دفع سورية إلى اعلان استعدادها لاجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل من دون أن يكون لذلك علاقة بالدول العربية الأُخرى، وأصبحت لدينا علاقات دبلوماسية مع عشرات الدول التي فتحت سفاراتها في إسرائيل، ولم تعد الشركات الدولية الكبرى تتخوف من الحظر العربي لتعاملها مع إسرائيل وأصبحت قادرة على فتح فروع لها في البلد، وشهد الاقتصاد ازدهاراً لم يشهده منذ أعوام كثيرة.
  • لو لم يجر اغتيال رابين كنا سنتوصل، في تقديري، إلى اتفاق دائم في 4 أيار/مايو 1999.
  • إن الجولة الحالية للمفاوضات الإسرائيلية– الفلسطينية لم تحدث إلا بفضل اصرار وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

إذا جرى التوصل إلى اتفاق إسرائيلي- فلسطيني خلال الأشهر التسعة المقبلة، فإنه سيحظى بتأييد كبير. نحو 70% من جمهور الطرفين مستعدون للقبول بالمبادئ المعروفة للحل (خطة كلينتون سنة 2000، ومبادرة جنيف سنة 2003). أما إذا لم نتوصل خلال الأشهر التسعة المقبلة إلى اتفاق دائم أو اتفاق مرحلي يؤدي إلى اتفاق دائم، فإن الفلسطينيين سيفككون السلطة التي ولدت في أوسلو، وسينضمون إلى اليمين الإسرائيلي الذي يقترح اليوم دولة واحدة.