اعتماد إسرائيل الكبير على المساعدات العسكرية الأميركية يجب أن يردعها عن مهاجمة إيران من دون الحصول على موافقة واشنطن
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       على كل من يتمسك بفكرة مهاجمة إيران من دون الحصول على موافقة الإدارة الأميركية قراءة التقرير الذي نشرته قبل ثلاثة أسابيع لجنة الأبحاث التابعة للكونغرس الأميركي، والذي تضمن تفصيلات المساعدة الأميركية المقدمة إلى إسرائيل طوال أعوام. وقد أظهر التقرير اعتماد إسرائيل بشكل كبير على الولايات المتحدة، بحيث أن أي قرار إسرائيلي بالهجوم على إيران من دون موافقة الولايات المتحدة سيشكل خطراً على استمرار المساعدة الأميركية.

·       وتدل الأرقام الواردة في هذا التقرير على أن إسرائيل حصلت خلال أعوام طويلة على مساعدة من الولايات المتحدة تتجاوز 431 مليار شيكل (أكثر من 115 مليار دولار)، أي أكثر مما حصلت عليه مجتمعة 15 دولة في أوروبا في إطار مشروع مارشال لإعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية.

·       وتجدر الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من هذه المساعدة الأميركية، أي ما لا يقل عن 253 مليار شيكل (أكثر من 67 مليار دولار)، أخذ شكل هبات عسكرية. وعلى سبيل المثال، بلغت المساعدة العسكرية المباشرة هذا العام نحو 3,1 مليار دولار (أي 12 مليار شيكل)، أي ما يعادل خمس الميزانية الأمنية. وكان قد تقرر في سنة 2007 تحويل ما يوازي هذا المبلغ سنوياً إلى الجيش الإسرائيلي حتى سنة 2018. لذا ليس مستغرباً بروز أصوات في الكونغرس الأميركي وفي واشنطن تطالب بتقليص المساعدة العسكرية لإسرائيل في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها الولايات المتحدة. ومن شبه المؤكد أن مهاجمة إيران من دون الحصول على الموافقة الأميركية ستقوي هذه المواقف.

·       بيد أن التبعية الإسرائيلية للولايات المتحدة ليست محصورة فقط في المساعدة العسكرية السنوية. فمنذ سنة 2006 حولت الولايات المتحدة أكثر من 1,5 مليار دولار (نحو 6 مليار شيكل) لتمويل منظومات دفاعية مضادة للصواريخ بما فيها منظومة القبة الحديدية، وصاروخ حيتس-2، والعصا السحرية. كما يسمح الأميركيون للجيش الإسرائيلي باستخدام مخازن السلاح الخاصة بهم للطوارىء والموجودة على الأراضي الإسرائيلية، والتي تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار.

·       ومن بين أهم المساعدات العسكرية الأميركية نصب أجهزة إنذار مبكر متطورة أميركية الصنع في النقب قادرة على تحديد الصواريخ من على بعد نحو 900 كيلومتر (وذلك مقارنة بأجهزة الإنذار الإسرائيلية  الأكثر تطوراً والتي لا تتعدى قدرتها مسافة 160 كيلومتراً). وبدءاً من سنة 2001 تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بمناورات عسكرية مشتركة يجري خلالها اختبار المنظومات الإسرائيلية والأميركية المضادة للصواريخ. كما وافقت الإدارة الأميركية على بيع إسرائيل 75 طائرة أف - 35 يبلغ ثمنها 11 مليار دولار، يجري تمويلها من المساعدة العسكرية.

·       بالإضافة إلى هذا كله،  قدمت الولايات المتحدة مساعدة اقتصادية لإسرائيل قدرها 31 مليار دولار (حتى سنة 2007)، إلى جانب مساعدات أخرى من أجل استيعاب المهاجرين تقدر بـ 1,66 مليار دولار. ويمكن أن نضيف إلى ذلك الضمانات التي قدمتها الإدارة الأميركية من أجل حصول إسرائيل على قروض بفائدة منخفضة. ففي سنة  2003 قدمت لها ضمانات تقدر بـ 9 مليار دولار لمدة ثلاثة اعوام، ومليار دولار أخرى كمساعدة عسكرية. وفي أعقاب حرب لبنان الثانية جرى تمديد الضمانات حتى سنة 2011، وتجري الآن مباحثات من أجل فترة تمديد إضافية.

·       كما تقوم الولايات المتحدة من وقت إلى آخر بتقديم "مساعدة طارئة" لإسرائيل. وهذا ما حدث سنة 1991، عندما حوّل الكونغرس الأميركي مبلغ 650 مليون دولار من أجل تغطية الخسائر الإسرائيلية التي تسببت بها حرب الخليج الأولى. وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي وافقت الولايات المتحدة على تقديم ضمانات قروض قيمتها 10 مليار دولار كمساعدة في استيعاب المهاجرين الروس في إسرائيل. وفي سنة 2001 حصلت إسرائيل على نحو 1,2 مليار دولار من أجل إعادة تأهيل قوات الجيش الإسرائيلي التي خرجت من الضفة الغربية.

·       بناء على هذا كله، يتعين على بنيامين نتنياهو وإيهود باراك قبل اتخاذ القرار بمهاجمة إيران الإنصات جيداً إلى المعارضة الأميركية لهذا الهجوم. وعليهما قراءة هذا التقرير للوقوف على عمق اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة، وعلى الانعكاسات الخطيرة لأي خلل قد يطرأ على المساعدة الأميركية لإسرائيل.