يجب عدم التفريق بين لبنان وحزب الله في حال مشاركة الحزب في الرد على هجوم إسرائيلي على إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يتخوف الكثيرون من الرد المحتمل على هجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية. وعندما نمعن النظر في هذه المسألة يتبين لنا أن الرد الأكثر خطورة سيأتي تحديداً من جانب حزب الله.

·       حتى الآن لا يبدو أن مصر ترغب في الدخول في مواجهة مع إسرائيل أو أنها قادرة على ذلك. من ناحية أخرى فإن دولة إسرائيل محصنة جيداً  في مواجهة الصواريخ التي قد تطلقها حركة "حماس"، كما أنه ليس من المتوقع أن يرد الأردن أو العراق على ضربة إسرائيلية لإيران.

·       أما فيما يتعلق بسورية فإن عدم الاستقرار يجعل من الصعب توقع رد فعلها علينا، إذ من المحتمل أن يقرر بشار الأسد إطلاق صواريخه على إسرائيل رغبة منه في توحيد صفوف الشعب السوري في وجه العدو الصهيوني، وكي يتحدث عنه التاريخ بوصفه بطلاً عربياً قومياً، من المحتمل أن يمتنع من ذلك لأنه يدرك أن أي قصف مباشر للمدن الإسرائيلية سيؤدي إلى رد قاس على دمشق.

·       أما بالنسبة لإيران فإن قدرتها على مهاجمة إيران مباشرة محدودة، فهي تملك بضعة مئات من الصواريخ تستطيع إسرائيل أن تعترض عدداً كبيراً منها. يدل هذا كله على أن حزب الله هو الذي يمثل الخطر الحقيقي.

·       منذ أكثر من خمسة أعوام وحزب الله يستخف بقرار مجلس الأمن 1701 الذي يتضمن منع إعادة تسليح الحزب. وقد نجح حزب الله حتى الآن بتهريب أكثر من 45 ألف صاروخ إلى جنوب لبنان موزعة على آلاف المواقع وفي إمكانها الوصول إلى وسط إسرائيل بالإضافة إلى شمالها. كما في إمكان الحزب أن يقصف يومياً إسرائيل بمئات الصواريخ ولمدة طويلة من الزمن، الأمر الذي يشكل خطراً استراتيجياً.

·       يدخل الجزء الأكبر من صواريخ حزب الله ضمن إطار  الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي عليها. ومن أجل مواجهة هذا الخطر يتعين على إسرائيل أن توضح بأنها لا تفرق بين حزب الله ولبنان، فالحزب هو لبنان ولبنان هو الحزب، لا سيما وأن حزب الله قد درج  على وضع مسافة بينه وبين الدولة اللبنانية من أجل تحصين نفسه، وتحديد قواعد اللعبة.

·       إن أهم الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها إسرائيل خلال حرب لبنان الثانية هي تلك التي وقعت خلال الساعات الأولى للحرب والتي لا علاقة لها بتعبئة الاحتياطيين ولا بسير العملية البرية ولا بتخبط القيادة العسكرية، وإنما تلك المتعلقة بموافقة إيهود أولمرت [رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك] على الطلب الأميركي بعدم مهاجمة الحكومة اللبنانية التي كانت حينها برئاسة فؤاد السنيورة، وتحييد مؤسسات الحكم، وتركيز الهجوم على حزب الله. وقد أدى ذلك إلى حسم مصير الحرب، لا سيما في ظل استحالة القضاء عسكرياً على آلاف مطلقي الصواريخ الذين كانوا يتنقلون وسط المنازل من دون إلحاق الأذى الكبير بالمدنيين.

·       إن الأوامر العسكرية التي تقضي بالرد على إطلاق الصواريخ من دون إلحاق الأذى بالمدنيين هي أوامر غير ممكنة التطبيق. كما لا يمكن ضرب حزب الله من دون الربط بينه وبين الدولة والمدنيين الذين يتحرك بينهم. قد يكون صحيحاً أن الحزب يحظى بتأييد اللبنانيين، وأنه من دون هذا التأييد يفقد الكثير من قوته. لكن من جهة أخرى فإن اللبنانيين لا يرغبون بأن تتعرض دولتهم وحياتهم إلى الخطر بسبب النزاع بين إسرائيل وإيران.

·       لذا المطلوب من إسرائيل من أجل مواجهة الخطر من الشمال القيام بثلاثة أمور: أولاً، ينبغي أن توضح بأن إطلاق الصواريخ عليها من لبنان هو بمثابة إعلان الدولة اللبنانية الحرب على دولة إسرائيل، وأن إسرائيل لن تميز بين حزب الله وبين لبنان، لا سيما وأن 18 وزيراً في الحكومة اللبنانية الحالية من أصل 30 ينتمون إلى الحزب.

·       ثانياً، على إسرائيل أن توضح أن أي إطلاق لصواريخ من لبنان عليها سيؤدي إلى ضرب البنية التحتية في لبنان: محطات توليد الطاقة، الطرق، المطارات، الجسور، ومؤسسات الحكم.

ثالثاً، على المستوى التكتيكي، يجب أن نوضح أن أي بيت تُطلق منه الصواريخ سيهدم، وسيتحمل صاحب البيت، وليس إسرائيل، مسؤولية سلامة منزله. إذ لا يمكن لأنصار الحزب أن يهاجموا إسرائيل وأن ينعموا بالحماية كمدنيين لبنانيين. إن هذه العقيدة القتالية هي التي ستمنحنا القدرة على حسم الحرب القادمة وربما أيضاً هي التي ستمنع وقوعها.