دعم الـ"إيباك" للهجوم العسكري الأميركي على سورية قد يكون ثمنه باهظاً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • في هذه الأيام يظهر نشاط كبير على حساب تويتر التابع للوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل. فعلى مدار الساعة يطلب من عشرات آلاف الأعضاء في المنظمة في جميع أنحاء الولايات المتحدة أن يبعثوا برسائل عاجلة إلى أعضاء الكونغرس يطالبونهم فيها بدعم طلب الرئيس أوباما استخدام القوة العسكرية ضد سورية. وهذا مجرد سلاح واحد من جملة الأسلحة الثقيلة التي يستخدمها الـ"إيباك" والمؤسسة اليهودية في إطار الهجمة الشاملة على هضبة الكابيتول في موازاة الهجمة الاعلامية من جانب أوباما ومستشاريه.
  • وبدءاً من صباح الاثنين ينوي مسؤولون كبار في الـ"إيباك" زيارة مكاتب النواب الأميركيين برفقة ناشطين محليين ومتبرعين ماليين كبار من مناطقهم الانتخابية، يدعمهم في ذلك أغلبية التنظيمات اليهودية الأخرى.
  • يشكل ما يجري خطوة استثنائية وغريبة من نوعها بكل معنى الكلمة: فهذه هي المرة الأولى التي يتجند فيها اللوبي اليهودي بكامل قواه من أجل دعم أوباما الذي تميزت علاقته به خلال الأعوام الأخيرة بالتوتر والبرودة، ويتحرك داخل الكونغرس الذي يُعتبر معقلاً له بصورة تتناقض مع موقف الأغلبية في الحزب الجمهوري. وهذه هي المرة الأولى التي يقف فيها الـ"إيباك" بكل صراحة مع عملية عسكرية أميركية على الرغم من معرفته الواضحة بأنه إذا تعقدت هذه العملية مثلما حدث في العراق، فإن إصبع الاتهام سيوجه ضده.
  • إن التأييد العلني للإدارة الأميركية من جانب المؤسسة اليهودية الموالية لإسرائيل ربط مصيرها إلى حد كبير بمصير الرئيس أوباما. ومن هنا، فإن الفيتو الذي قد يفرضه الكونغرس على قرار الإدارة الأميركية الرد على الهجوم الكيميائي الذي نفذه النظام السوري، لن يؤدي فقط إلى إلحاق الضرر بهيبة الرئيس، ويتسبب بتراجع كبير في قدرة أميركا على الردع، ويشجع إيران الساعية إلى السلاح الكيميائي ويشجع حلفاءها، بل من شأنه أيضاً أن يلحق ضرراً حقيقياً بمكانة إسرائيل واللوبي المؤيد لها.
  • إن جزءاً أساسياً من قوة إسرائيل على الساحتين الأميركية والدولية يعتمد على تأييد الكونغرس الكبير وغير المشروط لها. وتجلى ذلك في التصفيق الحار الذي حظي به رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال ظهوره مرتين أمام الكونغرس. كما أن جزءاً كبيراً من قدرة الـ"إيباك" على الردع يستند إلى صورته كجهاز قوي لا يستطيع أعضاء الكونغرس الوقوف في وجهه. وهذان الأمران سيتضرران إذا صوت الكونغرس ضد أوباما.
  • صحيح أنه سبق لإسرائيل والـ"إيباك" أن هزما هزيمة نكراء في مجلس النواب الأميركي سنة 1981 حين فشل اللوبي في مساعيه لدفع الكونغرس إلى رفض طلب إدارة ريغن بيع طائرات أيواكس المتطورة إلى السعودية. وكذلك سنة 1992 حين فشل الناشطون اليهود في إقناع الكونغرس برفض طلب الرئيس بوش تأجيل تقديم الضمانات الأميركية من أجل استيعاب المهاجرين الروس إلى إسرائيل. لكن في هاتين المناسبتين كان اللوبي اليهودي يقف ضد الرئيس، وفي الحالتين لم تلحق الهزيمة الضرر بقوة اللوبي بل على العكس زادتها. لقد أدركت إدارة ريغن مقدار قوة اللوبي وقدرته على التحرك وتعاونت معه لاحقاً طوال الوقت. كما أن خسارة بوش الأب أمام كلينتون حولت انتصاره، في الميثولوجيا السياسة، في واشنطن إلى هزيمة.
  • لكن منذ ذلك الوقت تغيرت طبيعة العلاقات التي تربط إسرائيل بالحزبين الكبيرين، وتحول الحزب الجمهوري إلى الحليف الأساسي للحكومات الإسرائيلية ولا سيما اليمينية منها. من هنا، فإن تصويت الحزب الجمهوري ضد موقف الـ"إيباك" وضد ما تعتبر الإدارة الأميركية أنه يصب في المصلحة الأمنية الواضحة لإسرائيل، سيشكل سابقة تلقي بظلالها على المستقبل، لأن ذلك لا يعني فقط وقوف عدد كبير من أعضاء الكونغرس عملياً إلى جانب وجهة نظر الجمهوريين الانعزالية، وهي ما ترى إسرائيل أنها تشكل خطراً حقيقياً عليها، بل لأنهم يفعلون ذلك على الرغم من التحذير بأن موقفهم سيقوي الأسد وحزب الله وطهران.
  • في الخلاصة من الصعب أن نتجاهل أن وقوف إسرائيل ومؤيديها إلى جانب إدارة أوباما يتعارض مع موقف الرأي العام الأميركي المعارض بشدة للهجوم على سورية. ويجب أن نأخذ في الحسبان النتائج المتوقعة وغير المتوقعة لرغبة الجمهور الأميركي في التخلي عن لعب دور الشرطي في العالم، بما يمكن أن يعني أيضاً التخلي عن إسرائيل.